الملك حسين رحمه الله ولعنة الهاشميّين[1]
الملك حسين رحمه الله ولعنة الهاشميّين[1]
بسم الله الرحمن الرحيم
على إثر هزيمة العرب عام1967 واحتلال إسرائيل بقية أرض فلسطين: غزّة وسيناء (من مصر) والجولان (من سوريا) والضّفّة الغربيّة بما فيها المسجد الأقصى (من الأردن)؛ أذيع أكثر من مرّة خطاب للملك حسين رحمه الله حفظت منه أنّ السّبب ما سمّاه: (لعنة الهاشميّين)، وفهمت منه أنّ فقد المملكة الأردنية الهاشميّة نصيبها من فلسطين (منذ الحرب العربيّة الاسرائيليّة عام1948) كان آخر حلقة في تسلسل اللعنة الهاشميّة بعد جريمة الثائرين العراقيّين عام1958 وقتلهم وسَحْلهم الملك فيصل الثاني ملك العراق، وربما قضاء الاحتلال الفرنسي عام1920 على مُلْك فيصل الأول في سوريا رحمهم الله جميعاً، وربما طَرْد الهاشميّين من ولاية الحجاز عام1925 وموت الملك حسين الأول منفيّاً في قبرص واغتيال الملك عبد الله في القدس، بل ربما قتل الحسين وقبله قتل علي رضي الله عنهما وأرضاهما في العراق (أرض الشّقاق والتّصوّف والفتن منذ القرون الخيّرة).
ولأن الملك حسين رحمه الله سبقني إلى البرزخ وأنا غير بعيد من اللحاق به، وقد سُجِّلَتْ ولادة كلّ منّا رسميّاً في عام1935، فقد بدا لي بيان رأيي في مقولته قبل أن لا أتمكن من البيان:
1) لو كان لنا أن نعزو ما يقع من أقدار الله على الأفراد أو الأُسَر أو الأمم أو البلاد أو أهلها إلى لعنة محتملة لقلنا إنّ لعنة الفلسطينيّين كانت السّبب فيما حدث لهم من إرهاب قبل1948، ثم ما حدث لهم من نزوح بعده، وما حدث لهم قبل طردهم من الأردن وبعده، وفي حرب المخيّمات في لبنان، وفي النّفي إلى تونس، ثم في الشّقاق بينهم في الضّفة الغَرْبيّة وغزّة.
2) أَوْ لَعَزَوْنا ما حدث في العراق للعنة العراقيّين منذ الخوارج في عهد علي، وتشجيع الحسين رضي الله عنهما على الخروج إليهم (في ولاية يزيد عفا الله عنه) ثم نَكْث عهده وتركه يقاتل الجيش الأموي مع قليل من أهله وأتباعه، إلى ثورة القتل والسّحل الهمجية في العراق ثم ولاية حزب البعث الاشتراكي وطواغيته وخاتمتها: قتال الشّيعة الإيرانيّين ثم السّنّة الخليجيّين والقوّات الدّوليّة.
3) ولكن ما لنا وللظّنّ وقد آتانا الله اليقين؟ قال الله تعالى: {وكذلك نولّي بعض الظّالمين بعضاً بما كانوا يكسبون} وقال الله تعالى: {وتلك الأيّام نداولها بين النّاس} وقال الله تعالى: {وما أصابك من سيّئة فمن نفسك}.
فأقدار الله وأسبابها وعواقبها لا يحيط بها إلاّ الله سبحانه وتعالى ” فمن رضي فله الرضا، ومن جزع (أو سخط) فله الجزع (أو السّخط)“.
وعندما هُزِم جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم في أُحُد قال بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم {أنّى هذا} فقال الله تعالى: {قل هو من عند أنفسكم}، وقَبْلها أُخْرِج الرّسول صلى الله عليه وسلّم من مكة إلى المدينة، وقبلها هرب بعض المسلمين بدينهم من طغيان أهل مكّة وظلمهم إلى عدل النّجاشي ملك الحبشة، والله تعالى يبتلي عباده بالشرّ والخير فتنة كما في سورة الأنبياء، الآية35.
وعندما احتلّت إسرائيل عام1967 المسجد الأقصى وما حوله تذكّرت ما رأيته فيما تحت يد المسلمين من فلسطين عام1965، وما سمعته من سوداني زارها وتوقّع زوال حكم المسلمين عنها لما رأى فيها من كبائر وما سمع من لَعْن المنتمين للإسلام والسّنّة لَعْنِهم الرّبّ والدّين (ويوجد مثله وشرٌّ منه في العراق) ولأنّ الأخ السّوداني قد أَلف دعاء أصحاب القبور عند أوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة في السّودان، لم يتمعّر وجهه – مثلي – من هذا الشرّ والظّلم العظيم في فلسطين (والعراق) عافانا الله مما ابتلاهم به. وقد تقرّبت إلى الله تعالى بتجنّب الصّلاة فيما سُمِّي: الحرم الإبراهيمي الشريف بعد أن ملأه المنتمون للإسلام والسنة بسبعة اوثان تقرّباً إلى الله بأشنع ما عُصِيَ به، وأسوأ مما فعل اليهود والنّصارى، وقد حذّرنا الله ورسوله من اتّباع سننهم.
وكان في مكة والمدينة وجدة والطّائف كثير من هذه الأوثان فهدمتها جميعاً دولة التّوحيد والتّجديد والسّنّة السّعوديّة في أوّل القرن الثالث عشر الهجري، ولما حاربتها الدّولة العثمانية الوثنيّة ودمّرت عاصمتها الدّرعيّة، وقتلت ونفت المئات من أمرائها وعلمائها عادت الأوثان مرّة أخرى حتى هدمتها دولة التّوحيد والتّجديد السّعوديّة مرّة ثانية وإلى الأبد بإذن الله تعالى بعد أن ملّكها الله تعالى أكثر جزيرة العرب منذ منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقال الله تعالى: {الذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}، والله الموفق.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه في 1435/6/26هـ.