تقرير عن الدعوة في الأردن
تقرير عن الدعوة في الأردن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلله فلا هادي له.. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه واتباع سنته.
نظرة عامة:
لا يوجد مجال كبير للزيادة على ما تضمنته التقارير السّابقة عن الاسلام والمسلمين في الأردن الشقيق.. ولكن للتذكير أشير إلى الاتجاه الجيّد وخاصّة بين الشباب للحياة في محيط الشريعة وإن خلت السّاحة تقريباً من العلماء من أهل الحديث والعقيدة الصافية القائمين على نشر المنهج الصحيح للمسلم الملتزم.
على أنه لا يفوتني أن أشير إلى وجود اثنين من أعلام المحدثين في هذا العصر هما: الشيخ/ محمد ناصر الدين الألباني والشيخ/ شعيب الأرناؤوط.. يقتصر الأول منهما تقريباً على التحقيق بمفرده ويقوم الثاني بالتحقيق مستعيناً في عمله (بعد الله) بعدد من الشباب مكوناً بذلك مدرسة صغيرة عملية تنتج الكتاب المحقق بالإضافة إلى طالب العلم الشرعي على منهج السلف في الجمع بين التعليم والعمل، على أن الشيخ الألباني أبرز العلماء في بلاد الشام (بل قد يكون الوحيد) في نشر التوحيد والسنة والتحذير من الشرك والبدعة.
وقد أظهرت نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة بوضوح قوة الاتجاه (الاسلامي) في البلاد حيث حاز ثلاثة مرشحين باسم الاسلام أكثرية الأصوات بالنسبة لمن يليهم من المرشحين الفائزين بعضوية المجلس وإن كان أحدهم للأسف صوفيًّا والبقية فكريين سياسيين.
ولا توجد مدارس دينية (بالمعنى المتعارف عليه في أجزاء أخرى من العالم الإسلامي) في ضفتي الأردن.. فجميع المدارس الخاصة مسلمة أو نصرانية تدرّس المنهج الرسمي الأردني بما في ذلك دروس الدين الاسلامي في مدارس النصارى يدرّسها مسلم مؤهل من كلية الشريعة.. وفي غزة معهد ديني يدرّس منهج الازهر.
وأبرز الحركات الإسلامية التطوعية: جماعة التبليغ وتركز على العمل.. وجماعة الإخوان المسلمين وتركز على ما عرف بالثقافة الإسلامية بين الأطفال والشباب.. وجماعة أهل الحديث وتركز على العلم.
كما يوجد أكثر من تجمع للمتصوفة تحت عنوان: مدرسة القرآن الكريم.
ومن الجانب الرسمي تقوم وزارة الأوقاف والشئون والمقدّسات الإسلامية في الأردن بتعيين الوعّاظ والمرشدين والأئمة ويتركز اهتمامهم في الغالب على الوعظ العام لسهولته وعدم معارضته وعدم حاجته إلى الدراسة والتحضير.. كما تقوم الوزارة سنويا بإقامة المخيمات في المناطق المحتاجة لهذا الغرض.
وتأثير كلّ ما تقدّم ضعيف بالنسبة للأضرحة والقبور والمخالفات في العقيدة والعبادة وخاصة بين كبار السّن.
ومنطقة الأردن مفتوحة نسبيا للدّعوة المتطوعة إلى الله لا يفضلها في العالم الإسلامي – على ما أعرف – إلا قليل.. وفلسطين المحتلّة مفتوحة أكثر فيما يتعلق بتعليم الأحكام الشرعية.. وحتى الترخيص الرسمي المطلوب في أغلب دول العالم الإسلامي لا يطلب من الدّاعي إلى الله بشرط عدم التحريض على السّلطة الاسرائيليّة.
ولا يوجد تنظيم قائم للحركات الملحدة والمنحرفة كالشيوعية والبعثية والشيعة.. ولم أستطع التأكد من حدود انتشار الماسونية لسريتها واقتصارها عادة على محاولة اجتذاب ذوي المراكز الكبيرة المؤثرة في المجتمع.
جهد الرئاسة في الأردن:
خلال العام الماضي ونتيجة للاتفاق بين الرئيس العام ووزير الأوقاف الأردني أعير جميع دعاة الرئاسة في الأردن والضفة المحتلة من فلسطين لوزارة الأوقاف الأردنية التي تقوم بتعيينهم أئمة في المساجد وفي نفس الوقت مدرسين للأحكام الشرعية في مساجدهم وعدد آخر من المساجد.. وتشترك الرئاسة مع الوزارة في الإشراف عليهم واستقبال تقاريرهم وتوجيههم وتنفرد الوزارة بالترخيص لهم بالعمل.
وبسبب التركيز على الوعظ العام في معظم مناهج الدعوة في الأردن (كما أشرت من قبل) فقد طلب من جميع دعاة الرئاسة التخصص في تدريس العقيدة وأحكام العبادات والمعاملات.. وآمل أن يحقق ذلك إزالة الانحرافات في تطبيق الشريعة.. وتنظيف المساجد التي يتولى إمامتها والتدريس فيها دعاة الرئاسة من وثنية المقامات والمزارات وما دونها من الابتداع في الدين ما لم يأذن به الله.
كما تقوم الرئاسة بتوزيع الكتب من طريق المستودع العام للكتب بالرياض وباستعمال المبلغ الذي حصلت عليه مراكز الدعوة من الرئاسة لهذا الغرض.
وجلّ الاعانات للمساجد والافراد والجمعيات التي ترد إلى هذا المكتب بطلب منه تصرف من قبل الرئيس العام شخصياً جزاه الله خير الجزاء.
اقتراحات:
أرى تحقيق الاقتراحات التالية لتطوير العمل في هذا المكتب وفي جميع مراكز الدعوة في الخارج:
1) زيادة الاهتمام باختيار الدعاة على أساس أن مجرد تخرجهم من كليات الشريعة بدرجة معيّنة ليس دليلاً على تأهيلهم للدعوة لأن التطبيق يتطلب صفات قد لا يتطلبها التخرج من المدارس العصرية ومن بينها كليّات الشريعة في المملكة وخارجها مثل: الاخلاص والصبر والمثابرة والتضحية واحتساب الأجر على الله.. ويمكن الحكم على ذلك في حدود الاستطاعة البشرية بمتابعة الطالب أثناء الدراسة أو بعدها فترة من الوقت للتأكد من التزامه بالعمل بما تعلّم وعلى الأخص بالدعوة إلى الله بحيث يكون له فيها مساهمة متطوعة قبل أن تكون وظيفة رسمية.
2) محاولة إسقاط شرط الحصول على الشهادة الدّراسية في توظيف الدعاة.. لأن أفضل الدعاة عموماً في الأردن ليسوا بأعلاهم شهادة دراسية.
3) زيادة مكافأة الدعاة في فلسطين المحتلة لأنها تعتبر من أغلى البلاد في العالم.. ولتشجيع الدعاة على البقاء فيها ونشر الدين بين أهلها.
4) التركيز على تدريس الأحكام الشرعية للحاجة إليها ولربط الداعي إلى الله بموضوع دراسته وعلم دينه.. وتترك مهمة التذكير والوعظ العام للدعاة المتطوعين الأقلّ عِلْماً.
5) إذا تأخر الداعي إلى الله شهراً عن الالتحاق بعمله بعد صدور قرار التعاقد معه ألغي عقده.. لأن تأخره دليل على عدم اهتمامه بالدعوة.
6) طبع رسائل صغيرة لا تحمل اسم الرئاسة لمكافحة البدعة والالحاد بين المسلمين، وأسوأ من ذلك: التقرب إلى الله بالشرك والبدع.
7) دعوة العلماء والمسئولين للعمرة وزيارة العلماء في الرئاسة تأليفاً للقلوب.. وتوضيحاً للمواقف.. وجلباً للتعاون من الدولة المضيفة.
8) محاولة الاصلاح بين الجماعات الاسلامية وتوحيد جهودها تحت عنوان واحد: (الدعوة إلى إفراد الله بالدعاء وغيره من أنواع العبادة ونفيها عمن سواه) مع احتفاظ كل جماعة بأسلوبها في الدعوة ومؤسساتها.. لأن الجماعات بميزاتها ونقصها يكمل بعضها بعضاً.
9) دمج عمل الرابطة في عمل الرئاسة لأن المفروض اتفاق المنهج والغاية.
وفي ذلك توفير للنفقة وتوحيد للجهد. والحمد لله أولاً وآخراً.. والصلاة والسلام على خاتم النبيين وآله وصحبه وأتباعه.. اللهم واجعلنا منهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن في 1404/7/29هـ