الدعوة بين المنهجية النبوية وبين المنهجية المحدثة

 الدعوة بين المنهجية النبوية وبين المنهجية المحدثة

بسم الله الرحمن الرحيم

كتبت لأحد الإخوة الدّعاة إلى الله بغير علم أجادله بالتي هي أحسن:

1) ملاحظاتي على نشاطكم نفع الله بكم ونفعكم وزادكم بصيرة لا تعني تنقيص ما تقومون به عن الغير ممن تصفهم (بالمشايخ والاخوان والموجهين والباذلين والعاملين) الخ. ولكن كلٌّ منا ومنهم يؤخذ منهم ويردّ عليه، والنصيحة واجبة للجميع قبلوا أو رفضوا فعلينا إصلاح النية وإصلاح العمل وأما النتيجة فهي إلى الله وحده، وليست أكبر همّنا ولا يجوز أن تكون.

2) لا شك أني أزكّي مساراً على مسارات ومنهجاً على مناهج. ولو قرأت رسائلي لك مرة أخرى، ولو قرأت رسالتي التي طبعها بعض الإخوة الدعاة على منهج النبوة في المملكة بعنوان: (الدعوة إلى الله في جزيرة العرب) لما وجدت شكّاً في ذلك فليس في الاسلام إلاّ سبيل واحد صالح: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السّبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} قارن لفظي {السّبل} و{السّبيل} ثمّ طبّقها على لفظي (مسار) و(مسارات) تعرف الحق الذي لا يعرف بالعاطفة وإنما يعرف بالكتاب والسّنّة بتوفيق الله، وجاء الوحي على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأمة تفترق ثلاثاً وسبعين فرقة: فرقة واحدة في الجنّة وبقية الفرق في النار؛ وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم السّاعة.

3) التفرق إلى فرق وطوائف وأحزاب وجماعات يُنتج ما أشرتَ إليه من كراهية واتّهامات وادعاءات. وهذا ما ندين الله بالوقوف ضدّه، وقد أوضح الله فساد هذا التفرق ونتائجه في أكثر من آية: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون} فتعدّد الجماعات والأحزاب والطّوائف والفرق الدّينيّة مخالف لشرع الله تنتج الشر في الدّنيا والآخرة: {إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء}.

ولكن العوام وأشباه العوام المنتمين إلى السّنّة يظنّون التّشيّع لعلي رضي الله عنه وآل بيته هو وحده التشيّع الفاسد، أمّا التشيّع لحسن البنّا والنبهاني وسيّد قطب ومحمد سرور ومحمد إلياس إلى آخر قائمة التشيّع فهو جميعه على الحقّ.

4) قد يسمّى منهج النبوّة (ومن سار على مثله من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى نهاية القرون الثلاثة المفضلة) سلفيّاً كما درج عليه علماء الأمة لتمييزه عما طرأ بعده، ولكنّي – هذا الوقت – أرى تجنّب هذا الوصف حتى لا يخطئ مخطئ فيظنّه واحداً من الأحزاب أو الاتّجاهات التي طرأت بعده.

والفرق بين منهج السّنّة ومناهج الابتداع واضح، فليس له أمير مستقل يفصله عن غيره، ولا منهج بشري يحتمل الخطأ، ولا تنظيم حركي أو إدارة معقدة أو ميزانية ماليّة تشغله عن الغاية بالوسيلة،

5) والحكم على حزب أو جماعة أو فرقة أو طائفة بانحراف أو خطأ فرد من أفرادها أو عدد قليل منهم؛ تَعَدٍّ على المنهج ومجموع المنتمين إليه لا يفعله إلاّ من قلّ زاده من العلم أو التقوى أو منهما معاً؛ فلم تخل المدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من انحراف أعداد من الناس: منهم من زنى ومنهم من سرق ومنهم من نقل أسرار المسلمين للمشركين، بل منهم من تظاهر بالإسلام وأضمر الكفر.

ولذلك حرصت في رسائلي أن أحذّر من الجور في الحكم على هذه الطوائف والْتَزَمْتُ الحكم على المنهج والقادة لا الأتباع ونقلت نصوص مناهجهم وأقوالهم وأفعالهم وظاهر أحوالهم وأكدت اعتقادي صحة نياتهم ومقاصدهم.

6) وعلى هذا فإذا رأيتَ من ينتمي إلى حزب أو شخص أو منهج لم يكن عليه الأئمة في القرون الثلاثة، فلا يكن في صدرك غصّة من السّلفيّة مع خيريتها، بل إذا تعصب (سلفيّ) لقول الألباني أو ابن باز أو ابن تيمية ولم يؤيّده بالنصّ من الكتاب والسّنّة وفقه الأئمة في القرون الثلاثة للنصوص اليقينية فاضرب به عرض الحائط وأعلم أنه لا يعرف أو لا يلتزم منهج النبوّة نهج السّلف.

7) (الأدلّة الضّعيفة) غير الثّابتة لا يَسْتَدِلُّ بها إلا متعصب أو مبتدع أو جاهل، ولذلك حرصت في كلّ رسائلي على إيراد الدليل من الكتاب حيث (لا ضعيف ولا مرجوح) أو من صحيح السّنّة وخاصة ما اتّفق عليه الشيخان رحمهما الله وارجع إلى رسالتي: (الدعوة إلى الله في جزيرة العرب) يَتّضِحْ لك ذلك.

وفقني الله وإياك وجميع المسلمين إلى معرفة الحق والثبات عليه والدعوة إليه، ومعرفة الباطل وتجنّبه، والله ولي التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه في 1416/1/20هـ