رأي آخر في عمارة المسجد

رأي آخر في عمارة المسجد 

بسم الله الرحمن الرحيم

نشرت مجلّة الدّعوة في عددها 879 الصادر في 1403/4/17 كلمة عن (عناصر معمارية إسلامية) ابتدأها كاتبها بالإشارة إلى أنه لا أهمّية للضخامة والفخامة في بناء المسجد.. وإنما يكفي فيه تغطيته لحاجة المصلين.

ثم عاد عفا الله عنا وعنه إلى هدفه الأصلي من كلمته بتمجيد الضخامة والفخامة والتجميل والتزيين.

وأكد أن هذه الإضافات (غير الضرورية للعبادة) التزمت بفلسفة فنّية نبعت من العقيدة الاسلامية.

وأتساءل عن دليل الكاتب في ادّعائه؟ وهل غاب هذا الأصل من أصول العقيدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بنى مسجده؟

وإذا كانت حالة المسلمين المادّية يومها لا تساعدهم على الأخذ به فهل غاب ذلك عن عمر رضي الله عنه عندما وسّع المسجد النبوي وبين يديه أموال الفرس والروم وفنّهم ومهاراتهم حيث أكّد على البنّاء أن يكنّ الناس من المطر ولا يحمّر ولا يصفّر؟

هل جاء هذا الأصل من العقيدة أو الفهم لأصولها قبل نزول {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} فلم يطبق في خير وقت مرّ على الإسلام والمسلمين؟

أو جاءت به أفهام بعض المسلمين بعد أن غشيتها غاشية التّقليد المادّي؟

أعيذ نفسي وأخي الكاتب ومجلّة الدّعوة بالله من قبول أحد الافتراضين.

يظنّ الكاتب أن (تغيّر حالة المسلمين وتطورهم الفنّي) داع شرعي لتزيين المسجد وتنقيشه وبناء قبّته وأكثر من مئذنة إذا افترضنا الحاجة إلى مئذنة واحدة..

وأجزم في المقابل أن شرع الله لا يتغيّر ولا يتبدّل.. وأن ما صلح لأول هذه الأمّة صالح لآخرها.. وأن ما يصرف في بناء القبّة والمآذن الإضافية والزينة إسراف لا يحبّه الله وإهدار لأموال المسلمين وأغلبهم محتاج للغذاء والمسكن والكساء والسلاح للدّفاع عن أنفسهم في وجه الشيوعيّة والكفر والالحاد.

ولا دليل في واقع المساجد اليوم في أي مكان على صحّة هذا الواقع إذا خالف واقع المساجد في القرون المفضّلة.. ولا حجّة ولا فخر في مثل إشارة الكاتب إلى مركز لندن ومسجد واشنطن اللذين يستعملان في الغالب معالم سياحية لبلاد الكفر والمادّة.. وقبل بضع سنوات شاهدت في أحدها بعض سكرتيراته المتبرّجات.. وفي الآخر لم يتجاوز عدد المصلّين في أيّ وقت (عدا الجمعة) بضعة عشر.

وبعد.. فانه ليس للإسلام في أصوله ولا تطبيقاته الشرعيّة فنّ ولا عمارة تتميّز بالأقواس والعقود والأهلّة والنّجوم.. ولا بأيّ شكل معيّن آخر.. وإنما هي الحاجة والضرورة التي أشار إليها الكاتب.. ثم هو التقليد والاهتمام بالشكل الذي وقع فيه المسلمون تقليداً للمادّيين بعد ان ضعف اهتمامهم بالإعداد للآخرة.. وانشغلوا بمتع الدنيا القليلة عن طلب متع الجنة.. اللهم غفرانك..

و: (عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا).

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن في 1403/5/3هـ