وَزْن فتنة سوريا بقسطاس غير مستقيم

وَزْن فتنة سوريا بقسطاس غير مستقيم

بسم الله الرحمن الرحيم

أ- أمطر حزب البعث العراقي بقيادة طاغوته صدّام حسين؛ أمطر الشيعة الإيرانيّين والسّنّة الأكراد العراقيّين بالكيمائيات، فتركت الأطفال والنّساء وغيرهم من خلق الله صرعى كأنّهم أعجاز نخل خاوية، ولم نَسْمع احتجاجاً عَرَبِيّاً ولا دوليّاً، غَرْبيّاً ولا شرقيّاً، بل كانت أمريكا وروسيا والبلاد العربية (الخليجيّة بخاصّة) تتنافس على إمداد حزب البعث الملحد وطاغوته صدّام الدّين والدّنيا بالأسلحة الفتّاكة ومنها الكيمائيّة، لتدفع الكويت والخليج ثمّ العراق الثّمن.

وفي فتنة سوريا الحاضرة التي بدأها الشيطان كالعادة بالمظاهرات، ثم حوّلها شياطين الإنس والجنّ إلى حرب أهليّة بقدر الله الكوني، واتَّهم الخارجون على الدّولة دولتَهم باستعمال الأسلحة الكيمائيّة، وسارعت الأمم المتّحدة بتأييد من أمريكا وأوروبا والجامعة العربيّة إلى إرسال مفتّشيها للتّحقّق من صحّة الاتّهام، وبعد جمعهم العيّنات التي توكّد أو تنفي التّهمة أعلنوا أنّهم في حاجة إلى بضعة أسابيع للوصول إلى قرار بهذا الشأن، ووكدوا أن ليس من مهمّتهم معرفة من استعمل هذه الأسلحة: الدّولة أو الخارجين عليها.

ولكنّ أمريكا – ومعها بعض أوروبا – لم ينتظروا تحليل العيّنات وإثبات التّهمة ولو لم يُعْرف المتّهَم، فقرّروا غير عادلين أن التّهمة ثابتة قبل قرار الأمم المتّحدة بإثباتها أو نفيها، وأن الفاعل هو الدّولة قبل أن يبدأ أيّ تحقيق لمعرفة الفاعل، والاحتمال قويّ بأن تكون الدّولة هي التي استعملت أسلحتها الكيمائيّة، أو بأن تكون المعارضة هي التي استعملتها ممّا أعلنت مراراً أنّها استولت عليه من مخازن الجيش السّوري أو من إعانات الدّول أو الهيئات العربيّة أو الغربيّة، وقرّر الرّئيس الأمريكي معاقبة سوريا قبل أن يطلب الإذن بذلك من الكونكرس وانضمّ إليه أكثر من رئيس أوروبي.
والضّمير الأمريكي الحكومي مبتهج بهذا القرار إرضاء لإسرائيل التي لم توافق سوريا على ما يسمّى (التّطبيع معها) مثل مصر والأردن، والضّمير الأوروبي الحكومي مبتهج لعلّ إسرائيل تنسى ما فعلته أوروبا باليهود في العصر النّازي وما قبله، لتدفع فلسطين الثمن.
ب- وإن تعجَبْ فعجبٌ قول العرب وعملهم ووزنهم بالقسطاس المائل، كيف يؤيّدون الخروج على ولاة الأمر في بلد عربيٍّ آخر بالمال والسّلاح والقول والفعل في مخالفة صريحة للشرع والعقل وهم – شرعاً وعقلاً – يحاربون الخارجين عليهم، ومن جانب آخر أن نجاح الخوارج في بلد عربيٍّ تشجيعٌ لأمثالهم في بلد عربيٍّ آخر كما رأينا في النّصف الثاني من القرن الماضي بعد نجاح ثورة مصر، وفي النّصف الأوّل من هذا القرن بعد نجاح ثورة تونس، وهم يرون النّتائج من الدّمار والقتل والتّشريد، وقيام ثورة على الثّورة في العراق ثمّ في مصر وتونس، والله وحده يعلم ما سيلحق.
ج- ودول الخليج (بخاصّة) مستهدفة أكثر من غيرها، فقد أظهر احتلال العراق الكويت كيف كان العرب -أفراداً ودولاً عدا حكّام مصر وسوريا- كيف كانت دول الجوار العربي (العراق والأردن واليمن بخاصّة) تتلمّظ على قطعة الخليج، وكان بقيّة العرب يتلمّظون على نصيب من (بترول العرب للعرب)، ويتفجّرون حَسَداً لأهل الخليج بل كراهيّةً لقَدَرِ الله بتمييزهم في الدّين والدّنيا، وجاء كثير منهم من أقصى أرض العرب (الجزائر مثلاً) ليقاتلوا مع حزب البعث العراقي وقيادته وفئته الباغية، ولم يَعْدموا من يفتيهم بذلك من أهل الحديث في سوريا وعلى رأسهم الألباني والأرنؤوط تجاوز الله عنهما مع أنّ كلاًّ منهما صُرِف له راتب مدى الحياة بأمر ملكيّ منذ عشرات السّنين قبل موته، ولكن الفتنة تحول دون الشرع والعقل، بل جاء جيش من السّوريّين المنتمين للسّنّة (البدعيّة) لمحاربة جيش الملك عبد العزيز رحمه الله لئلاّ يهدم أوثان المقامات والمزارات ويزيل ما دونها من البدع في المسجد الحرام والمسجد النّبوي وما حولهما، ولكنّ الله ردّهم خائبين وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده، ونصر سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلّم، ونصر دولة آل سعود التي جدّد الله بها دينه وأعلى كلمته في القرون الأربعة الأخيرة، والحمد لله.
كتبه/ سعد بن عبد الرّحمن الحصيّن 1434/10/25هـ.