مقدمة مجموع المقالات [2]
مقدمة مجموع المقالات [2]
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فهذا هو القسم الثاني من المقالات، وسيلاحظ القارئ شيئًا من التكرار حين تدعو الحاجة إليه. وقد تكرَّر ذكر قصّة آدم وحواء في سُوَرٍ عِدَّة، وتكرَّرت الآية في السورة الواحدة وفي سُوَر عدَّة، وتكرَّر وصفُ الجنَّة والنَّار والحشر والحساب، وذكرُ الحياة والموت والدنيا والآخرة ، وذكرُ خلق الله السموات والأرض واستوائه على العرش، وذكر الإيمان والشرك. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرِّر القول لِيُفهم عنه، ويُكَرِّر الأمر والنّهي، ويكرّر الدعاء.
ودين الله واحد لا يتغيّر بتغيّر الزمان ولا المكان ولا الحال ولا اللّغة، وكذلك الدعوة إلى الله لا تتطوّر ولا تتجّدد إلا بالعودة بها إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولن يَصْلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صَلَح به أولها.
وهذه المقالات محاولة للعودة بالقضايا المتعلّقة بالدين والدعوة إليه إلى منهاج النبوّة الموحى به من الله العليم الحكيم الخبير، وبالقضايا المتعلّقة بالدنيا إلى العقل والمصلحة بعيدًا عن التقليد الببغائي لما تَنْعِق به وسائل الإعلام والنشر والإشاعة وهي أهم مصادر التّحليلات السياسيّة والفكريّة والحركيّة اليوم.
وهي تركّز على ما أَهْمَل أكثر الدُّعاة التّركيز عليه وهو أهمّ ما أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله: نشر التوحيد والسُّنّة والتّحذير من الشرك والبدعة، وجمع كلمة المسلمين على ذلك، وتحذيرهم من التفرّق على مناهج البشر مظنّة الخطأ والزّيغ والضّلال، قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]. وهي تركّز على أن تُبْنى الدعوة إلى الله وشرعه على اليقين والفقه في الدين وتجنّب ما تهواه الأنفس من الفكر والظنّ، قال الله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23].