من سعد الحصين إلى عبد الحق التركماني [2] [الدفاع عن القبوريين والصّوفيّة والمبتدعة في بلاد الشام]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى فضيلة الشيخ عبد الحق التركماني، وفقه الله لما يحبه ويرضاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فلعلك تعرف رغبتي عن الشفع في الرّدّ، إذ يكفي بيان الأمر مرّة واحدة، وخالفت هذه القاعدة في شفع الرّدّ على عبد الرحمن عبد الخالق – هداه الله – بعد إلحاح بعض الإخوة السّلفيّين في الكويت بسبب تلبيسه، وهذه ثانية لنفس السّبب أو للتذكير لو احتمل الأمر النّسيان، والرّدّ على رسالتك.

1) لم أفرح ولم أُعْجَب بما قدمته لي في أوّل لقاء لنا وسببه – فيما فهمت منك – تبرئة نفسك من تهمة الانحراف التي تضمّنها ردّ الأخ في الدّين أبي عبد النور وإثارته أحد العلماء عليك، فنصحتك بصرف النظر عن الأمر لأن ما قدّمته لي لن يكفي لتبرئتك ولكنّه كافٍ لي للتعاون معك بدلاً من أبي النور في العراق، ثم اقترحْتَ تطوير موقع باسمي في الانترنت سبقك إليه الشيخ عبد الله الهدلق والشيخ وليد الفنيخ جزاهما الله وجزاك خير الجزاء.

2) سخافة المُنُبُولي كنتَ فرحاً بها وجادلتني في إنكاري عليك وعليها.

وفهمتُ أن الأمر يتعلق بتوزيع الأراضي قبل الاسكان الذي لا تنتطح فيه عنزان، ولا حاجة إلى إشغال نفسك وإشغالي بنقل 12 صفحة من الجريدة، وإن كنتُ أرى أن أحد الأسباب الأولى لمشكلة الإسكان إصرار كل ولد في العائلة على الخروج من بيت أبويه (بعد أن بلغ عنده الكِبَرَ أحدهما أو كلاهما) والاستقلال بسكنه، واستعجال امتلاك منزل، وقد مررت وإخواني بهذه المرحلة فاستأجرنا بيتاً طينياًّ ثم شقّة ثم منزلاً شعبياًّ حتى يسّر الله لنا قيمة الأرض (ثم البناء في بضع سنين) ولم نقترض ولا طلبنا أرضاً من الدّولة ولا بيتاً في أول مشروع للإسكان أقامه الملك سعود – رحمه الله – واستفاد منه أكثر زملائنا قبل نصف قرن.

وطلبت منك ما يتيسّر لك من النصوص الشّرعيّة فيما سمّاه جمال وسيّد: الإقطاع ليتبيّن لك حكمه وبُعْدُه عن سخافة المنُبُولي، ولم أر منك اهتماماً بالتّعلّم من الحديث والأثر في هذا الأمر مثل اهتمامك بنقل صفحات جريدة الرّياض في أمر آخر، بل أجّلْتَ الأمر إلى ما بعد رمضان وتَبِعَتْهُ 4 أشهر أخرى ولم يظهر لي أنك اهتممت بكتابة صفحة واحدة عنه لا 12 صفحة رغم تذكيرك مراراً به.

3) لا تزالون تدافعون عن القبوريين والصّوفيّة والمبتدعة في بلاد الشام ولم تذكروا اليوم ولا قبله شيئا عن وثنيّة المقامات والأضرحة التي يمارسها أو يرضى بها أو يسكت عليها أكثر المنتمين إلى السّنّة قبل عصر ابن تيمية – رحمه الله – وبعده إلى هذه الساعة. وكنتُ ذكرت ما فعل الولاة المنتمون للسّنّة بدعاة السّنّة القلائل وكتْمهم أنفاس السّلفيّين حتى أزال الله حكمهم بحكم علمانيّ لا ينحاز إلى سلفيّ ولا صوفيّ، فلم يظهر في ردّك على رسالتي لك – وأنْتَ بصدد تبرئة نفسك – أيّ اهتمام ببيان الحقّ ولو على المنتمين – وراثةً لِما ننتمي بفضل الله إليه.

4) مقال (غلاة التّبديع والسّقوط الأخلاقي) فهمْتُ منه التركيز على موقف ابن تيمية من مخالفيه بل فهمْتُ منه التركيز على تقريع مخالفكم ولم أر فيه انتصاراً لإفراد الله بالعبادة ولا إنكاراً للشرك بالله في عبادته.

5) لم أر فيما بين يديّ من تحقيقاتكم أنكم مهتمّون ببيان عوار سيّد قطب والتحذير من فتنة مؤلفاته ما يقابل – ولو في نصف الطريق – اهتمامكم بتحقيق رسائل ابن حزم – رحمه الله -، وقس على ذلك اهتمامكم بنشر توحيد العبادة والتحذير من الشرك الذي عاصرْتَهُ أكثر سنيّ حياتك. ولعلك ظننت أن رأفتي بحالك – يوم كنت مقعداً – وممَّا رأيتُ من غمِّك وخوفك على سمعتك من كيد أبي النور، لعلك ظننت ذلك (إعجاباً شديداً) بمقدّمتك على التلخيص، بينما كان انطباعي عنها أنّها فاترة وأنّها محاولة لردّ كيد أبي النّور أكثر من نصرة الحقّ.

6) إصراركم على نشر انتصار النّدوي للتّصوّف والمتصوّفة لا يهيئ لي حمل أخطائكم على محمل حسن كما تطلبون، وكتابه: (التّفسير السّياسي للإسلام) لا يركِّز على توحيد العبوديّة ولكنّه يركِّز على قيمة العبادة الذّاتيّة – إن صحّ التعبير – فلْتُعِدْ فيه النّظر.

7) تدريس كتاب في المدارس السّعودية لا يدلّ على أفضليّته أو فضله؛ فقد لبث كتابٌ ألّفه محمد قطب للمدارس الثانويّة عدد سنين وليس فيه كلمة واحدة عن الأمر بإفراد الله بالعبادة ولا النّهي عن الإشراك في العبادة، بل استمرّ كتاب في المرحلة المتوسطة أو الثانوية بضع سنين يقرّر أنّ كلّ جمهوريّة مستنيرة وكلّ ملكيّة مستبدّة، فلا تنظر إلى ما يفعله التّنفيذيّون اليوم، ولكن انظر إلى ما منّ الله به على آل سعود من تجديد الدّين في كلّ قرن من القرون الثلاثة الماضية (14،13،12).

8) اعتذاركم عن الرّدّ على (أسئلة الثورة – سلمان العودة) لا يصلح دليلاً على دعوى: (نصرة منهاج النبوّة) ولو راجعتموه وعلقتم عليه.

9) (المشّاؤون بالنميمة…الخ) مظلومون في هذا الأمر، بل لا وجود لهم إلا في خيالك، فَلَمْ يَنْقُل لي بَشَرٌ كلمة عنك، ولو نقلها لما قبلتها.

وقد تباحثتُ معكم في ملاحظاتي عليكم (منذ عشرين سنة) المبنيّة على ما فعلتم أو تركتم بوثائقه التي وصلتني منكم.

10) طلبت منكم ألّا تَمُنُّوا علي بتجديد (وليس إنشاء موقع باسمي) ومتابعته بضع سنين، وذكرت لكم أنّ الأمر قائم على التّعاون وتبادل المصالح، وإذا لم يكن نشر مقالاتي ومنشوراتي الأخرى يُقْصَدُ به وجه الله فلا يليق بك استمرار متابعته، وأرض الله واسعة.

11) وتذكروا أني لم أتوقّف مرّة واحدة عن إعانتكم أو من تطلبون إعانته، وتصحيح ما تطلبون تصحيحه من مقالاتكم، والتعريف بكم كلّما طلبتم ذلك ثقةً بما فهمته منكم، وأرجو أن أكون أُذُنَ خير لكم.

وفقكم الله ووفقني لأقرب من هذا رشدا.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الحصين، تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.

الرسالة رقم: 30 – التاريخ 1434/2/5هـ.