جواب مسألة من الكويت حول طاعة نواب الأمة لولي الأمر
جواب مسألة من الكويت حول طاعة نواب الأمة لولي الأمر
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الوالد سعد الحصين، وفقه الله لطاعته، آمين.
نودُّ من فضيلتكم التعليق على هذا الكلام ـ فضلاً لا أمرًا ـ: (الدعوة السلفية من أساسياتها طاعة ولاة الأمر، إلا أن ولي الأمر أجاز لنائب الأمة التشريعَ والرقابة، وأوكل إليه محاسبة ومراقبة عمل رئيس الوزراء ووزرائه؛ وذلك لضمان استقامة عمل المؤسسات الحكومية وبعدها عن الفساد، وعضو مجلس الأمة تعهد لولي الأمر وللأمة أن يؤدي دوره بأمانة وصدق وأن يحمي مصالح الأمة، فإذ انحرف عضو مجلس الأمة عن دوره الرقابي بحجة طاعة ولاة الأمر؛ فإن هذا التصرف يحمل في ثناياه جهل النائب بدوره الرقابي وخيانته للأمانة التي أوكلت إليه كممثل للأمة؛ وأظن هذا هو سبب الخلاف بين السلفيين؟) أخوكم ومحبكم من الكويت.
الجواب: من سعد الحصين، مكة المباركة: 1432/6/8هـ.
إلى فضيلة الشيخ/ من الكويت، زادهم الله من فضله وحمّدهم العاقبة.
أما بعد: فطاعة ولي الأمر فرض عينٍ على كل فرد من الرعية لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]. ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لولي الأمر في أحاديث كثيرة في الصحيحين والسنن وغيرهما، ومنها: حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: (دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعُسرِنا ويُسرِنا، وأثرة علينا، وألَّا ننازع الأمر أهله) [رواه البخاري ومسلم]. و: «واسمع وأطع، ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك» [رواه مسلم]. والتفويض (بالتشريع) كما ورد في السؤال؛ باطل في الأمور الدينية، لكن يجوز التفويض بالتنظيم في الأمور الإدارية الدنيوية، ولا شرع في الدين إلا ما جاء به الوحي بفهم السلف. وإذا فوض ولي الأمر (نائب الأمة) كما ذُكِرَ في السؤال أو الأمير أو الوزير؛ فلا يعني خروج أيٍّ منهم عن طاعة ولي الأمر، ولا يعني استقلاله بالأمر دون ولي الأمر، بل هو مقيَّد بطاعة ولي الأمر الذي له الحق في إلغاء التفويض كلِّيًّا أو جزئيًّا في أيِّ وقت. ولا يتجاوز التفويض حكم الشورى (التي ظنَّ بعض المبتدعة أنها ركن من أركان الإسلام أو الإيمان أو أن نتائجها ملزمة لولي الأمر، وكل هذا الظنُّ خاطئ)، فقد أمر الله بأن يُشاوِر ولي الأمر أهل الحلِّ والعقد، ثم يفصل هو في الأمر بما أراه الله كما قال المفسرون المعتدُّ بهم في: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]، وقد استشار أبو بكر الصحابة رضي الله عنهم جميعًا وأرضاهم في معاملة مانعي الزكاة، ثم خالف كلَّ من لم يَرَ قتالهم، أي كلهم. ولا يقال : (انحراف عضو مجلس الأمة عن دوره الرقابي بحجة طاعة ولي الأمر أو نائبه) بل ثباته على الحقِّ شرعاً وعقلاً إنما هو في طاعة ولي الأمر أو نائبه سواء وافق التنظيم البشري أو خالفه.
والله الموفق.