تهذيب نونية القحطاني

تهذيب نونية القحطاني

بسم الله الرحمن الرحيم

سمعتها أول مرّة قبل نصف قرن من (الراجحي) ينشدها في منزلنا بشقراء بطلب من الوالد رحمهما الله.
ورأيت تهذيبها بالزيادة القليلة بين [معقوفتين] والحذف الكثير والتّعديل لما يلي:
1 – شدّته رحمه الله على الأشاعرة بما ظننته يتجاوز أمر الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] فحذفت أكثر أبيات وألفاظ اللعن والتكفير، وأضفت أربعة أبيات من نونية ابن القيم رحمه الله أراها ميزاناً عادلاً لمعاملة المخالف (ص:57).
2 – حذفت التفاصيل في أحكام العبادات إذ يسهل أخذها من كتب الفقه نثراً، دون تكلّف النظم وتعقيده وضروراته.
3 – أضفت ثلاثة أبيات إلى نظمه تُكْمل ما حسبته نقصه رحمه الله من حيث عدم الإشارة إلى توحيد العبادة والشرك الأكبر (ص:53 و54).
وأضفت بيتين إلى نظمه (في الرّبع الأوّل من ص:60) في الثناء على عثمان رضي الله عنه بما يثبت في السنة من صدقته واستشهاده، إذ لم يُثْبت القحطاني رحمه الله إلا ما روي عنه من ختم القرآن في ركعة من قيام الليل والأحرى ألا تصح هذه الرواية عنه رضي الله عنه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ختم القرآن في أقل من سبعة أيام (في الصحيحين) وثلاثة (في غيرهما).
4 – إعادة ترتيب الأبيات حسب أهمية الموضوع ووحدته.
وأول تهذيبي لها لتنشرها تسجيلات التقوى بصوت الشيخ عبد الرحمن بن فهد الحميّن، أثابهم الله.
مهذب نونية القحطاني رحمه الله

يا منزل الآيات والفرقان==بيني وبينك [محكم] القرآن

إشرح به صدري لمعرفة الهدى ==واعصم به قلبي من الشيطان

يسر به أمري [وأَمْض] مآربي ==وأَجِرْ به جسدي من النيران

واحْطُطْ به وزري وأخلص نيتي==واشدد به أزري وأصلح شاني

واكشف به ضُرِّي وحقق توبتي==وارْبِح به بيعي بلا خسراني

طهّر به قلبي وصفّ سريرتي==[وارفع] به ذكري وأعْلِ مكاني

واقْطَع ْبه طمعي وشرِّف همتي==كثِّر به ورعي وأحْي جَناني

أُمْزجه يا ربي بلحمي مع دمي==واغسِلْ به قلبي من الأضغان

* * *

أنت الذي صورتني [وعدلتني]==وهديتني لشرائع الإيمان

أنت الذي علمتني ورحمتني==وجعلت [قلبي] واعي القرآن

أنت الذي أطعمتني وسقيتني==من غير كسب يدٍ ولا دكّان

وجبرتني وسترتني ونصرتني==وغمرتني بالفضل والإحسان

أنت الذي آويتني [وكسوتني]==وهديتني من حيرة الخذلان

وزرعت لي بين القلوب [محبة]==[وعطفت] منك برحمة وحنان

ونشرت لي في العالمين محاسناً==وسترت عن أبصارهم عصياني

والله لو علموا [رديء فعائلي]==لَأَبى السلام علَيَّ من يلقاني

ولأعرضوا عني [وعافوا] صُحْبتي==ولَبُؤْت بعد كرامة بِهَوان

لكن سترْتَ معايبي ومثالبي==وعفوت عن سَقَطي وَعن طغياني

فلك المحامد والمدائح كلها==بخواطري وجوارحي ولساني

* * *

ولقد مَنَنْتَ علي ربِّ بأنعمٍ==مالي بشكر أقلهن يدان

فبحقّ حكمتك التي آتيتني==حتى شددت بنورها برهاني

لأسبّحنّك بكرة وعشيةً==[ولتعبدنّك] في الدجى أركاني

ولأذكرنك قائماً أو قاعداً==ولأشكرنك سائر الأحيان

ولأكتمن عن البرية خَلَّتي==ولأشكون إليك [ضعف كياني]

ولأجعلنَّ رضاك أكبر همّتي==[ولأقبضن عن الفجور عناني]

ولأمنعنّ النّفس عن شهواتها==ولأجعلن الزهد من أعواني

ولأتلون [كتاب] وَحْيِك في الدجى==[ولأطردنّ] بنوره شيطاني

أنت الذي يا رب [قد أنزلته]==ووصفته بالوعظ والتّبيان

ونظمته ببلاغةٍ أزليةٍ==تكييفها يخفى على الأذهان

وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه==من قبل خلق [الجن والإنسان]

* * *

أني أقول، فأنْصِتُوا لمقالتي ==يا معشر [الأعداء والخلان]

إن الذي هو في المصاحف مُثْبَتٌ ==بأنامل الأشياخ والشّبان

هو قول ربي آيُه وحروفه ==ومِدَادُنا والرَّقّ مخلوقان

هو في المصاحف والصدور حقيقة ==أيْقِن بذلك أيما إيقان

من قال إنّ حروفه مخلوقة ==[فازْجُرْه] ثم اهجُرْه كل أوان

والوقف في القرآن خُبْثٌ باطل ==وخداع كل مذبذبٍ حَيْران

قُلْ: غير مخلوق كلام إلهنا ==واجْزِم ْولا تك في الإجابة وان

* * *

يا أيّها السُّنِّيُّ خُذْ بوصيتي ==[واعضض عليها جملة الأسنان]

واقبل [نصيحة]مشفق متودِّد ==واسمع [بقلب] حاضر يقظان

كُنْ في أمورك كلها متوسطاً*عدلاً بلا نقص ولا رُجْحَان

واعلم بأن الله [ربٌّ] واحد ==متنزه عن ثالث أو ثان

الأول المبدي بغير بداية ==والآخر المفني وليس بفان

[هو وحده المعبود بالحق الذي==قد جاء في الوحي العظيم الشان]

[أَخْلص لمولاك العبادة وحده==لا تَبْتَدْع شرعاً بلا سلطان]

[واتبع سبيل محمد لا تتّبع==شرك القبور مشاهد الأوثان]

واقصد هديت ولا تكن متغالياً==ن [الغُلُوّ حبالة الشيطان]

* * *

صلِّ الصّلاة الخمس أوّل وقتها ==إذْ كل واحدة لها وقتان

إتْبع إمامك خافضاً أو رافعاً==واسمع تلاوته من القرآن

مَعْ كلّ بَرٍّ صلِّها أو فاجرٍ ==ما لم يكن في [عقده]بِمُشَانِ

لا تمنعنّ زكاة مالك ظالماً ==فصلاتنا وزكاتنا [صنوان]

وصيامنا رمضان فرض واجبٌ ==وقيامنا من أعظم القربان

والحج مفترض عليك وشرْطه ==أمْن الطريق [وقدرة] الأبدان

* * *

سبحان من يُجْري الأمور بحكمةٍ ==في الخلق بالأرزاق والحرمان

نفذتْ مشيئته بسابق علمه ==في خلقه عدلا بلا عدوان

ولكلّ عبدٍ حافظان لكلّ ما==يقع الجزاء عليه [مؤتمنان]

أُمِرا [بِقَيْد] كلامه وفعاله==وهما [بأَمْر] الله مؤتمران

* * *

والله أكبر أن تُحَدَّ صفاته==أو أن يقاس بجملة الأعيان

والله ربي ما تُكَيّفُ ذاته ==بخواطر الأوهام والأذهان

أَمْرِرْ أحاديث الصفات كما أتَتْ ==من غير تأويلٍ ولا هذيانِ

لله وَجْه لا يُحَدُّ بصورة ==ولربنا عينان ناظرتان

وله يدان كما يقول إلهنا ==ويمينه جلّت عن الأيمان

كلتا يدي ربي يمين وصفها ==وهما على الثقلين منفقتان

والله يضحك لا كضحك عَبِيْدِه ==فالكيف [منفيٌّ عن] الرحمن

والله ينزل كل آخر ليلة ==لسمائه الدنيا بلا كِتْمان

فيقول: هل من سائل فأجيبه ==إني القريب أجيب من ناداني

والأصل أن الله ليس كمثله ==شيء تعالى الرب ذو الإحسان

* * *

إيماننا بالله بين ثلاثة ==عمل وقول واعتقاد جنان

ويزيد بالتقوى وينقص [بالهوى]==وكلاهما في القلب يعتلجان

وحياتنا في القبر بعد مماتنا ==[حقّ] ويسألنا به الملكان

والقبر صح نعيمه وعذابه ==وكلاهما للناس مدّخران

والبعث بعد الموت وعدٌ صادقٌ ==بإعادة الأرواح في الأبدان

وصراطنا حقٌ وحوض نبينا ==صدقٌ له عدد النجوم أواني

يُسْقى بها السُّنّيّ أعذب شربة ==ويذاد كل مخالف فتّان

وكذلك الأعمال يومئذ تُرَى ==موضوعة في كفة الميزان

والكُتْب يومئذ تطاير في الورى ==بشمائل الأيدي وبالأيمان

والله يومئذ نراه كما نرى ==قَمَراً بدا للسّتّ بعد ثمان

يومُ القيامة لو علمت [بحاله] ==لفررْتَ من أهل ومن خلان

يوم [تفطّرت] السماء لهوله ==وتشيب فيه مَفارق الولدان

يوم عبوس قمطرير [وجهه]==[والخوف] منتشر [بكل مكان]

يوم يجيء فيه المجرمون إلى لظى ==يتلمّظون تلمّظ العطشان

ويجيء فيه المتقون لربهم ==وَفْداً على نُجُب من العقيان

والله يرحمهم بصحّة عَقْدهم ==[ويثيبهم] من خوفهم بأمان

فالله يجمعنا وإياهم [غداً] ==من غير تعذيب وغير هوان

* * *

وشريعة الإسلام [أكمل ملّة]*دين [الإله مصرِّف الأكوان]

هو دين آدم والملائك قبله *هو دين نوح صاحب الطوفان

هو دين إبراهيم [الخليل وآله]==وبه نجا من لفحة النيران

هو دين يعقوب النبي [ونسله==يهدون بالإسلام والإيمان]

[وبه دعا موسى الكليم لربه==والمؤمنون به نجوا من الطغيان]

وله دعا عيسى بن مريم قومه ==لم يَدْعهم لعبادة الصلبان

وكمال دين الله شرع محمد ==صلى عليه منزّل القرآن

[وعليْهِمُو صلواته] ما مِنْهُمُو==أحدٌ يهوديٌّ ولا نصراني

بل مسلمون ومؤمنون لربهم==حنفاء في الإسرار والإعلان

* * *

بالله ثِقْ وله أنِبْ وبه استعنْ ==فإذا فعلت فأنت خير معان

لا تقذفنّ المحصنات ولا تَقُلْ==[ما لم تَبيَّنْه] من البهتان

وتحرَّ بر الوالدين فإنه ==فرض عليك وطاعة السلطان

لا تخرجن على الإمام [مناهضاً] ==ولو انّه [عبْدٌ] من الحبشان

ومتى أُمِرْت ببدعة أو [فتنة] *فاهرب بدينك قاصي البلدان

الدين رأس المال فاستمسكْ به ==فضياعه من أعظم الخسران

لا تحْسِدَنْ أحدا على نعمائه ==إن الحسود لحُكْم ربك شاني

لا تُشْغَلنّ بعَيْب غيرك غافلاً ==عن عيب نفسك إنّ ذا عيبان

لا تُفْن [وقتك] في الجدال [ممارياً] ==إنّ [المراء] يخلّ [بالإحسان]

وإذا اضطُرِرْت إلى الجدال ولم تَجِدْ ==لك [مخرجاً وتلاحَم الخصمان]

فاجعل كتاب الله [درعك] سابغاً ==والشرْعَ سيْفَك [ساطع البرهان]

والسنة البيضاء [فوقك لامة] ==واركبْ جواد [الدين والإيمان]

واثبُتْ بصبرك تحت ألوية الهدى ==فالصبر [أجمل] عدّة الإنسان

[واجعل لقلبك مُقلتين، كلاهما==بالحق في (العاصين) ناظرتان]

[فانظر بعين الحُكْم وارحمهم بها==إذ لا ترد مشيئة الرحمن]

[وانظر بعين الشّرع واحملهم على==أحكامه فهما إذاً نظران]

[لو شاء ربك كنت أيضاً مثلهم==فالقلب بين أصابع الرحمن] ([1])

* * *

لا تلتمس علم الكلام فإنه==[يهدي] إلى التعطيل [والنقصان]

أخذوا الكلام عن الفلاسفة الأُولى==جحدوا الشرائع غِرّة وأماني

حَمَلُوا الأمور على قياس عقولهم==فتبلّدوا كتبلّد الحيران

مُرْجيُّهمْ يزري على قدريِّهم==والفرقتان لديّ [عاصيتان]

[لجدالهم] شُبَهٌ تخال ورونق==مثل السراب يلوح للظمآن

دَعْ أشعريّهم ومعتزليّهم==يتناقرون تناقر الغربان

كلٌّ يقيس بعقله سبل الهدى==[والفكْرَ] أعلوه على القرآن

فالله يجزيهم بما هم أهله==وله الثنا مِنْ قولهم برّاني

* * *

لا تَتّبِعْ علم النّجوم فإنّه==متعلّق بزخارف الكهّان

من قال إن الغيث جاء بهنعة==أو صرفة أو كوكب الميزان

فقد افترى [كُفْراً] وبهتاناً ولم==[يعمل بوحي الله في القرآن]

من قال بالتأثير فهو مُعَطّل==للشرع متّبع لقولٍ ثاني

ألها دليل سعادة أو شقوة==لا والذي برأ الورى وبراني

إن النجوم على ثلاثة أَوْجُهٍ==فاسمَعْ مقال [الصدق والتبيان]

بعض النجوم خلقن زَيْناً للسّما==كالدّر فوق ترائب النسوان

وكواكب تهدي المسافر في السُّرى==ورجوم كل [معاندٍ] شيطان

لا يَعْلم[المخلوق] ما يُقْضَى غداً==إِذْ كل يوم ربنا في شأن

والله يمطرنا الغيوث بفضله==لا نوء عوّاء ولا دبران

لا تستمعْ قول الضوارب بالحصى==والزاجرين الطير [بالبهتان]

فالفرقتان كذوبتان على القضا==وبعلم غيب الله جاهلتان

قل للطبيب الفيلسوف بزعمه==[أنّ الطبيعة خالق الأكوان]

يا فيلسوف لقد شُغِلْتَ عن الهدى==بالمنطق [الهندي] واليوناني

أترى الطبيعة أَوْجَدَتْك مصوَّراً==بمسامعٍ ونواظر [ولسان]

أترى الطبيعة أخرجتك مُنَكّساً==من بطن أمك واهي الأركان

أم فجّرتْ لك [بالحليب] ثُدِيَّها==فرضعتها حتى مضى الحولان

أم صيَّرتْ في والديك محبة==فهما بما يرضيك مغتبطان

* * *

قُلْ إنّ خيْرَ الأنبياء محمّدٍ==وأجل من يمشي على الكثبان

وأجلّ صحب الرُّسْل صحب محمدٍ==[ومن الصحابة يَسْبِق] العُمَران

رجلان قد خلقا لنصر محمد==بدمي ونفسي ذانك الرجلان

كانا على الإسلام أشفق أهله==وهما لدين محمد [ثَقَلان]

سبحان من جعل [الإمارة] رُتْبَةً==وبنى [الولاية] أيما بنيان

لما قضى صدِّيق أحمد نحبه==دفع الخلافة [للأمير] الثاني

أعني به الفاروق فَرّق عنوة==بالسيف بين الكفر والإيمان

ومضى وخلَّى الأمر شورى بينهم==في الأمر فاجتمعوا على عثمان

[من كان ينفق ماله متصدقاً==في نصر دين الله بالإحسان]

[ومضى شهيداً صادقاً ومُصَدِّقاً==خبَرَ النبي، محقَّق الإيمان]

ولي الخلافة صهر أحمد بعده==أعني عليّ العالم الرباني

زوج البتول أخا الرسول وركنه==ليث الحروب مُنَازل الأقران

فاحفظ لآل البيت واجب حقهم==واعْرِف عليّاً أيما عرفان

لا تنتقصه ولا تزد في حَقِّه==فعليه تصلى النّارُ طائفتان

إحداهما [لا ترتضي إيمانه==وتظنه] الأخرى الإله الثاني

أكرم بطلحة والزبير وسَعْدهم==وسعيدهم وبعابد الرحمن

وأبي عبيدة ذي الأمانة والتّقى==[الفائزين بجنة الرضوان]

قُلْ خير قول في صحابة أحمد==وامْدَحْ [جماعة بيعة الإيمان]

دَعْ ما جرى بين الصحابة في الوغى==بسيوفهم يوم التقى الجمعان

فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم==وكلاهما في الحشر مرحومان

والله يوم الحشر ينزع كل ما==تحوي صدورُهُمُ من الأضغان

والويل للرهط الذين عدوا على==عثمان فاجتمعوا على العصيان

لسنا نكفر مسلماً بخطيئة==فالله ذو عفو وذو غفران

لا تقبلنَّ من التوارخ كلما==جمع الرّواة وخطّ كل بنان

وارو الحديث المنتقى عن أهله==[أهل الحديث هُمُو ذووا الإتقان]

لا تركننّ إلى الروافض إنهم==شتموا الصحابة دونما برهان

أَمِنُوا النبي وخوّنوا أصحابه==ورموهُمُو بالظلم والعدوان

مدحوا قرابته وسبّوا صحبه==جَدَلان عند الله منتقضان

لكأنّما آل النبي وصحبه==روح يضمّ جميعها جسدان

فئتان عَقْدهما شريعة أحمد==وهما بدين الله قائمتان

حب الصحابة والقرابة واجب==ألقى به ربي إذا أحياني

* * *

كُنْ حِلْس بيتك إِنْ سمِعْت بفتنة==وتوَقَّ كل منافق فتّان

وإذا ابتليت بعسرة فاصبر لها==فالعسر فرد بعده يسران

صُنْ حُرَّ وجهك بالقناعة إنما==صون الوجوه مروءة الفتيان

واخلع رداء الكبر عنك فإنّه==لا يستقل بحمله الكتفان

وإذا خلوت بريبة في ظُلْمَةٍ==والنفس داعية إلى العصيان

فاسْتَحْي من نظر الإله وقل لها==إن الذي خلق الظلام يراني

وإذا عصيت فتب لربك مسرعاً==حذر الممات ولا تقل لمْ يانِ

قُمْ في الدجى واتل الكتاب ولا تَنَمْ==إلاّ كنومة حائر ولهان

فلربّما تأتي المنيّة بغتة==فتساق من فُرُشٍ إلى الأكفان

يا حبذا عينان في غسق الدجى==من خشية الرحمن باكيتان

صلى الإله على النبي محمد==ما ناح قُمْري على الأغصان

وعلى جميع [الآل مَنْ تَبِع الهدى]==وعلى جميع الصحب والإخوان

بالله قولوا كلما أنشدتُمُ==رحم الإله صداك يا قحطاني

([1])   الأربعة أبيات من نظم ابن القيّم ~ في نونيته. والحكْم: القضاء والقدر.