هل جزاء المواطنة في دولة التوحيد والسنة مشاقتها؟
هل جزاء المواطنة في دولة التوحيد والسنة مشاقتها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
سنَّتْ (جريدة عكاظ) و(جريدة الوطن) و(مجوهرات الفارسي) سُنَّةً سَيئةً عليها وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عمِل بها إلى يوم القيامة كما حدث النبي صلى الله عليه وسلم مِن وحي الله تعالى إليه: فقد نشَرَت ـ بالتعاون بينها على الإثم والعدوان وهم {يَحْسَبُونَ أَنهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} أو: لا يهتمُّون إلا بالثمن القليل من المال ـ: تهنئةً للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بما سمَّوه (المولد النبوي الشريف) في يوم 12 ربيع الأول 1432 من الهجرة.
ولأننا نُحْسِن الظنَّ بمن اقترف هذه البدعة علانيةً للمرة الأولى (منذ أن جدَّد الله دينه بالعودة إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم على أيدي الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود في منتصف القرن الثاني عشر، وعبد العزيز بن محمد بن سعود وابنه سعود في العقدين الأخيرين من القرن (12)، والثلاثة الأول من القرن (13)، وتركي وفيصل في العقود الثلاثة التالية، ثم الملك عبد العزيز وابنه سعود في القرن الرابع عشر، رحمهم الله وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأجزل الثواب، ونصر بدولتهم دينه إلى يوم الدين)؛ لأننا نحسن الظن بالمسلم (كما قال الشيخ د.صالح الفوزان حفظه الله في حقِّ سيد قطب رحمه الله) فَسَنَصِفُهم بالجهل بشرع الله، لعل الله أن يعذر سيد ويعذرهم بجهلهم.
ولقد عرَفنا مِن عاطفة سيد قطب الدينية ما لم نعرف من الثلاثة، ولكن سيد وقع فيما لم يقعوا فيه (بجهله وجهلهم) مِن القول بخَلْق القرآن كالمعتزلة، أو خلق لفظه كالأشاعرة، وبأحدية الوجود كابن الفارض وغيره من زنادقة المتصوفة، وبتكفير من يُوَحِّد الله ويؤدي فرائضه، وبسبِّ موسى عليه السلام، وإسقاط خلافة عثمان، ولمز عدد من المبشرين بالجنة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهو لم يقع فيما وقعوا فيه من التقرب إلى الله تعالى بما لم يأذن به الله من الابتداع، وبعضهم بالشرك الأكبر الذي لعن الله من اقترفه، وحرم الله عليه الجنة، وجعل مأواه النار خالدًا فيها أبدًا (منذ قوم نوح عليه السلام إلى قيام الساعة): دعاء غير الله، وقد قال الله تعالى {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَل مِمنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ الناسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضر عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِن عَذَابَ رَبكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 56-57]، وقال تعالى {ذَلِكَ بِأَن اللهَ هُوَ الْحَق وَأَن مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62] وقال تعالى {وَالذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20]، وقال تعالى {وَالذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: 14].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله»، وعندما أخبر أصحابه أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله (دون رحمة الله وفضله) قالوا: ولا أنت؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل رحمته»، وقال لابنته: «لا أغني عنك من الله شيئًا»، بل قال الله له في محكم كتابه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرا إِلا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسنِيَ السوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، وقال صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية من النار: «من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي».
ثم تجيء (عكاظ) وشركة الفارسي فيتولَّيان نشر الشرك بدعاء غير الله لأول مرة في بلد الله الحرام بعد محمد علوي مالكي، وبعد عمرو بن لحي (في لفظ مؤلَّفٍ باسم سفر الحوالي وسمير المالكي) بمناداتهما النبي صلى الله عليه وسلم بدعوى مدحه بل دعائه بالشرك:
ما جئت بابك مادحًا بل داعيًا *** ومن المديح تضرُّع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة *** في مثلها يلقى عليك رجاء
وتجيء (الوطن) وشركة الفارسي بالغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه مخالفة لنهيه عن ذلك: «لا تطروني»، و: «لا يستجرينَّكم الشيطانُ» ومخالفة لأمره: «فقولوا عبد الله ورسوله»:
فاق النبيين في خَلْق وفي خُلُق *** ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس *** غرفًا من البحر أو رشفًا من الديم
لم يكفهم إفكُ أعوانهم بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله فافتروا على النبيين الالتماس من غير الله وكل أنبياء الله أرسلهم الله لمحاربة شرك العبودية و: «الدعاء هو العبادة»، وشرك الربوبية، فلا معبود بحق إلا الله ولا رب سواه تعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
وافترى الثلاثةُ على شرع الله (في بلاد ودولة الدعوة على منهاج النبوة) عيدًا ثالثًا لم يأذن الله به في كتابه ولا سنة رسوله ولا سنة الخلفاء الراشدين ولا فقه الأئمة من التابعين وتابعيهم في القرون الخيرة، سألوا الله: (أن يعيده على الأمة بالخير والبركات)! وإنما كان سلفهم في هذا الابتداع النصارى في عيد ميلاد المسيح عليه السلام، والدولة الفاطمية التي أحيَت الشركَ وما دونه من البدع بين القرن الرابع والسادس من الهجرة.
يا حسرة على المبتدعة في بلاد ودولة الدعوة إلى التوحيد والسنة يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير في الدين (لو كان من الدين)، وقد ذم الله اليهود باستبدالهم بالذي هو أدنى بالذي هو خير في أمر دنيوي (وهو أهون)، كيف لا يشكرون الله ولا يتبعون سنة رسوله؟ وقد تفضلت عليهم دولة تجديد الدين (بفضل الله عليها وبها) فآوتهم وعلَّمتهم الدين الحق، وأمرتهم بالمعروف، ونهتهم عن المنكر، وأطعمتهم من جوع، وآمنتهم من خوف، وطهرت بلاد الحرمين (بعد نبيِّ الله إبراهيم ونبي الله محمد عليهما صلاة الله سلامه وبركته) من أوثان المقامات والمزارات والمشاهد وما دون ذلك من الابتداع في الدين، ومنعت زوايا التصوف وبناء المساجد على القبور (وهو ما لم تفعله دولة من دول المسلمين بعد القرون الخيرة)، بينما تملأ الأوثان والزوايا والبدع الأخرى بلاد المسلمين خارجها.
ألم يكن في جريدتي الوطن وعكاظ ولا في شركة الفارسي: رجلٌ رشيد يخاف الله ويتقيه، أو على الأقل: يستحي أن يعضَّ اليدَ التي تطعمه فيخونها في خير ما أعطاها الله وميزها به: التوحيد والسنة؟
أرجو الله أن يردَّهم إلى دينه ردًّا جميلًا، وأن يهديهم لطاعة الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يرزقهم التوبة مما اقترفوا من الإثم والعدوان قبل الموت، وأن يكفي الإسلام والمسلمين شرَّهم، وأن يطهر بلاد الحرمين ودولة تجديد الدين من دعاة الشرك والابتداع، وما دون ذلك من الفحش في القول والعمل، ويحفظها ذخرًا للإسلام وقدوة للمسلمين.
(1432هـ).