مناصرة المبتدع للمبتدع؛ نقد لفكر د.عبد الوهّاب أبو سليمان

مناصرة المبتدع للمبتدع؛ نقد لفكر د.عبد الوهّاب أبو سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم

في العدد 1234 من جريدة عكاظ في 1425/9/19هـ مقال بتوقيع (عبد الوهاب أبو سليمان)، وقد عَرَفْتُ واحداً بهذا الاسم في مكة المباركة، وعرفه أهل التوحيد والسنة بمحافظة على إرثه القديم من النّسك الأعجمي المبتدع في القارّة الهندية رغم نشأته ودراسته في بلاد ودولةٍ مباركة مَيّزها الله من أوّل يوم بتأسيسها على الدعوة إلى منهاج النُّبُوَّة ومحاربة الابتداع في الدين من الشرك وآثاره ومقاماته ومزاراته فما دون ذلك.
ولم يكن أبو سليمان يوم سمعت بوجوده متميزاً إلا بعناده وإصراره على الباطل الذي يخالف منهاج كلية الشريعة وكل مؤسسةٍ علميةٍ في السعودية بفضل الله ومنِّه وكرمه، وتميّز على غيره من المعاندين الرافضين للحقّ بعدما تبين بنَبْزه المدافعين عن التوحيد والسنة بلقب (الوهابية) اقتداءً بأمثاله المناهضين للدعوة التي قامت عليها السعودية في القرون الثلاثة الأخيرة رغم حقد الحاقدين وحسد الحاسدين. وبعد حصوله على حرف (د) الذي تبدأ به كلمة (دكتور) الأعجمية وكلمة (دجّال) الشرعية الفصحى خَدَعَ أحد علماء السنة فرشحه لسد الفراغ في هيئة علميّة صار مقامه منها سُبّة لها ونشازاً فيها منذ تدنّست بانضمامه إليها (عَجَّل الله تطهّرها منه أو هدايته للدين الحنيف).
 وقد أراد الله كشف غطاء الصّمت الذي تَسَتَّر به فكتب هذا المقال (وهو به حريّ وله أهل) في الثناء على أكبر رموز الابتداع والخرافة في بلد السنة؛ وإلى القارئ بعض إفكه:
 أ- وصف المبتدع قَرِيْنَه (محمد بن علوي المالكي) بالمجاهد في الله حق جهاده، واسأل القارئ الموحِّد المتبع شهادة الحق:
1- هل من الجهاد في الله حق جهاده: دعاء غير الله والتعبد له والإعراض عن دعاء الله بترديد ونشر والترغيب فيما يلي:
 مناداته الرّسول صلى الله عليه وسلم بهذا الشرك الصّريح:

هذا نزيلك أضحى لا ملاذ لـه

إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي

يا سيّدي يا رسول الله خُذْ بيدي

ما لي سواك ولا ألوي على أحد

واعطِفْ عليّ بعفوٍ منك يشملني

فإنني عَنْك يا مولاي لَمْ أَحِدِ

يا صاحب القبر المنير بيثرب

يا منتهى أملي وغاية مطلبي

يا من يجود على الوجود بأنْعُم

خضر تعمّ عموم صوب الصيب

يا سيدي إني رجوتك ناصراً

مِنْ جَوْر دهر خائن متقلب

فأقل عثار عبدك الدّاعي الذي

يرجوك إذ راجيك غي مخيب

واكتُب لـه ولوالديه براءة

من حرِّ نار جهنم المتلهّب

واقمع بِحَولك باغضبْه وكل من

يؤذيه من متمرد متعصّب

فلأنت في الدنيا وفي الأخرى وفي

كل المواطن عُدّتي وندائي

فالآن ليس سوى قبر حَلَلْتَ به

منجي الطّريد وملجا كلّ معتصم

قد مسّني الكرب وكَمْ مَرَّةً

فرّجْتَ كَرْباً بعضه يذهل

عجّل بإذهاب الذي اشتكي

فإن توقفت فمن ذا أسأل؟

وخصّ البيت الأخير بأنه (مجرب لمن ردّده 73 مرة) وميزته أنه أشد شركاً والله تعالى يقول: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن: 18] ويقول: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً * قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً} [الجن: 20- 22] ويقول: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ} [يونس: 106] ويقول عن الشرك من عباده : {يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [الحج: 12]؛ فهل تكون محادّة الله ومشاقته ومخالفته جهاداً فيه حق جهاده؟
2- وهل من الجهاد في الله حقَّ جهاده: الكذب على الله وعلى رسوله وعلى ملائكته بترديد ونشر دعوى سجود الملائكة كلّما لاح لهم النبي صلى الله عليه وسلم؟

كلّما لحْتَ للملائك خَرُّوا

في السّموات سُجَّداً وبُكيَّا

ـ وترديد ونَشْر دعوى أن المَدَدَ الكلّي للأكوان من النبي صلى الله عليه وسلم؟

ومَدَدْت الأكوان شرقاً وغرباً

مَدَداً في كيانها كُلِّيَّاً

والله تعالى يقول عن عباده المهديّين المجيبين: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم: 58] ويقول عن مَدَده للجميع: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} [النحل: 53] وترديد ونشر دعوى تَسْمِيَة النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بأسماء الله وصفاته؟
وإليك المثال في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم:
ـ (السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليك يا ظاهر، السلام عليك يا باطن) شفاء الفؤاد ص120.
ـ والله تعالى يقول : {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3].
ـ وينادي النبي صلى الله عليه وسلم بقول المبْتَدِع: (لك وجهي وجَهت يا أبيض الوجه) الذخائر ص166، والله تعالى يقول: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79].
ـ ويقول بأن للنبي صلى الله عليه وسلم كلّ أسماء الله الحسنى ـ الشفاء ص126. والله تعالى يقول: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180].
ـ ويدّعي أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم: (أُوْتِيَ عِلْم الخَمْس) الذخائر ص25. وهي (مفاتح الغيب) فيما رواه أحمد وما رواه البخاري رحمهما الله، والخمس: هي التي ذكرها الله في آخر سورة لقمان: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] فالله وحده مختص بعلمها.
ـ ولم يكف المبتدع إشراك محمد مع الله في الدّعاء والعبادة والأسماء والصّفات، بل أبرز وَثَناً باسم نعل النبي صلى الله عليه وسلم (رَسَمَه مخرّف آخر) ليلوذ به في الدنيا والآخرة، وسبَّ الدهر ـ رغم النهي عن ذلك ـ فالله هو الذي يُصرِّف الدهر:

ولما رأيت الدهر قد حارب الورى

جعلت لنفسي نَعْل سيّده حصنا

تحصنت منه في بديع مثالها

بسورٍ منيع نلت في ظله الأمْنا

إني خدمت مثال نعل المصطفى

لأعيش في الدّارين تحت ظلالها

الذخائر المحمدية 266.

وما تَقَدَّم : أمثلةٌ قليلةٌ لما أورده الشيخ سمير المالكي أثابه الله في ردّ ضلال الفكر من اثنين من مؤلفات ابن عمه محمد ابن علوي المالكي.
ب- أكد أبو سليمان (ردّه الله إلى دينه الحق قبل موته) أنه (يعرف محمد بن علوي بعد أيام وأعوام عاشها معه في مجال العلم والتعليم والدّرس والتحصيل) فهل يوجد ظنٌّ ولو قليل أنه لم يقرأ مؤلفاته التي أثنى عليها، أو أنه لم يعرف شيئاً عن ضلال فكره؟ أم هو اليقين بأنه يوافقه على ضلاله ويدعوا إلى مثله؟ أم أنّه يُعِدّ نفسه أو يُعِدَّه غيره ليرث فكْرَه وسعْيَه لنشره؟
ج- لا يحتمل أن أبا سليمان (هداه الله أو كفّ شرّه) لم يعلم أنّ الشيخ ابن باز رحمه الله (وهو من هو في عِلْمه وحلمه وصبره وحسن خلقه) سعى جاهداً للتحذير من ضلال فكر ابن علوي وأثمر سعْيُه في فصله من الجامعة، وإيقاف دروسه في المسجد الحرام وإذاعة نداء الإسلام وكل منبر عام للدَّعوة في بلاد التوحيد والسنة جزاه الله وأمثاله خير الجزاء.
د- ولا يحتمل أن أبا سليمان هداه الله لم يقرأ ردود كبار العلماء على ابن علوي مثل عبد الله بن منيع حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء وعضو الإفتاء منذ بداية تنظيم الإفتاء، وعضو هيئة التمييز بمكة المباركة، وعبد الله البسام رحمه الله رئيس هيئة التمييز بمكة المباركة والمدرس بالمسجد الحرام وحتى مات، وصالح آل الشيخ بقية علماء الدعوة المباركة؛ وكلهم شهدوا بضلال فكر ابن علوي.
هـ- ولا يحتمل أنّ أبا سليمان هداه الله لم يعرف عن ردّ أبي بكر الجزائري المدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية والمدرس بالمسجد النبوي منذ عشرات السنين، وعَنْوَنَ لردّه الثاني: (وجاءوا يركضون، مهلاً يا دعاة الضّلال).
 و- ولا يحتمل أبداً أنّ أبا سليمان هداه الله لم يعرف عن ردّ زميله وزميل ابن علوي سفر الحوالي وتضليله فكر ابن علوي بل سمّى أوّل ردوده بعد طبعه أخيراً: (مَجَدِّد ملّة عمر بن لحيّ)، فشبّه سفر الحوالي زميله ابن علوي بعمرو ابن لحي إذ دنّس كلاهما مكة المباركة بالدعوة إلى عبادة غير الله بعد أن ظهّرها الله منها بملّة إبراهيم ثم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم بتجديد الدعوة على منهاج النبوة في القرون الثلاثة الأخيرة، وكان رد سفر الأول على ابن علوي بعنوان: (الرّدّ على المخرّفين).
ز- ولا يحتمل أن أبا سليمان هداه الله لم يقرأ ردّ سمير المالكي على ابن عمّه محمد بن علوي المالكي، وهو آخر الرّدود حتى الآن فيما أعلم كما أن ردّ ابن منيع أوّلها، ولكنّ أهل التوحيد والسنة ومحاربي الشرك والبدعة في البلاد التي عاث فيها فكر ابن علوي (وكتبه ومدارسه) فساداً يُتَرجِمُون ويَطْبَعُون وينشرون الردود عليه في بلادهم أداءً لفريضة البلاغ والدعوة، ودَرْءاً للشرك والابتداع عن أهلهم وإخوانهم.
 ح- وأرجو الله أن يلهم أبا سليمان وغيره من يناصرون الفكر الضّال (عن منهاج النبوة في الدّين والدعوة) بالفكر والمال أن يتقوا الله وأن يحاسبُوا أنفسهم قبل أن يحاسَبُوا، وألا تحملهم عصبيَّة وحميّة الجاهلية على نصر الباطل ومحاربة الحق من عند الله.
 ط- ولا أشك في ظنّهم أنهم على الحق، ولكن الهداية من الله وحده وفي شرعه وحده، وقد قال الله عن شرِّ خلقه: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الأعراف: 30]، والله وحده الموفق.
 
الرياض شوال 1425هـ.