لغة الجرايد ووهم الإصلاح (رد على مقالات صحفية للشبكشي والسلطان والفتيحي والميمني)

لغة الجرايد ووهم الإصلاح

(رد على مقالات صحفية للشبكشي والسلطان والفتيحي والميمني)

بسم الله الرحمن الرحيم

في جريدة عكاظ عدد (13450) بتاريخ 1424/4/24هـ كتب حسن شبكشي بلغة الجرايد المولّدة والمترجمة والمعرّبة عما سمّاه (الشفافية ونبض الشارع)، وكتب عبد الله السلطان عن (المضمون العدائي) للإسلام والمسلمين، وكتب وليد الفتيحي عمَّا سمّاه (غربنة) المرأة المسلمة، وكتب عبد اللطيف الميمني عمَّا سمّاه (أدلجة) فكر الخوارج؛ ورأيت في مجموع ذلك ما يلي:

‌أ- طغيان لغة الجرايد على اللغة العربيّة الفصحى التي نزل بها القرآن والسنّة، وكُتب بها فقه أئمة الفقه في القرون المفضّلة، وحُمل بها دين الله الحق إلى الناس كافَة، وحَفظ الله بها دينه.

وبما أن أكثر الناس مدمنون – بلا دافع من العقل ولا من الشرع – على قراءة الجرايد – رغم حكمهم عليها بالضّحالة والمبالغة والتّفاهة – فلا عجب إن لاك قرّاء الجرايد وكتّابها كلماتٍ ليس لها معنى استقرّت عليه ثم بنوا رأيهم في الاصطلاح على شفا جُرُفٍ هارٍ من الفكر يتيه بهم عن طريق الهدى والحقّ.

‌ب- طغيان كتّاب الجرايد على منهاج النّبّوة في الدين والدّعوة إلى احتلالهم كراسي العلماء والمفتين حاكمين بغير شرع الله في بلاد التّوحيد والسّنّة.

وفي هذه الصفحة عدة أمثلة على ذلك:

1) يَنْهَى حسين شبكشي عن المعروف من حثّ خطباء الجمعة المسلمين على التّمسك بالسّنّة وتحذيرهم من البدع ومنها بدعة المولد التي لم يتلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمها ولم يأمر بها ولم يفعلها ولم يقرّها هو ولا خلفاؤه الرّاشدين ولا صحابته ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة حتى قلّد مبتدعة المسلمين مبتدعة النصارى في العهد الفاطمي العُبيدي.

2) يأمر حسين شبكشي بالمنكر من إخضاع خطبة الجمعة (العبادة المفروضة) لما يسمّيه (نَبْض الشارع).

ومعلوم لمن يفقه دين الله على منهاج النّبّوة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم (ومن اهتدى بهديه وتأسّى بسنته) لم يخرج بخطبة الجمعة عن الثوابت (من نصوص وأحكام الشّريعة) مرّة واحدة، ولم يصرف منها كلمة واحدة إلى شيء من الفكر والظّنّ والشائعات، ولا الأحدّاث والطّوارئ العظيمة في عهده على أهميتها وخطرها – لا غزوة بدر ولا ما بعدها من الغزوات ولا حادثة الإفك ولا ذكرى ما قِبلها من البعثة والإسراء والمعراج والهجرة.

كان في كُل خطبه يوم الجمعة يتلو الآي من كتاب الله يعلّمهم به أمر دينهم، ويأمرهم به وينهاهم، ويذكرهم به الموت والاستعداد له، ويرغبهم به في طاعته وثوابه، ويحذرهم به من معصيته وعقابه.

وأصحّ ما ورد في ذلك وأَصْرَحُه ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أم هشام بنت الحارث قالت: «ما أخذت {ق والقرآن المجيد} إلا عن لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرؤها على المنبر كلُّ جمعة إذا خطب الناس»، وفي رواية: «يخطب بها كلّ جمعة».

3) يتهم حسين شبكشي خطباء الجمعة بنشر (الفكر الإرهابي والتّفجيري) في خطبهم (المرَهبة والمنفّرة والمُعادية)؛ تقليداً للفكر السياسي اليهودي والنّصراني والإلحادي وبئس القدوة.

والخطب الشرعيّة الملتزمة بالسّنّة من نصوص وأحكام الكتاب والسّنّة بفهم أئمة القرون المفضّلة لا تَفتن ولا تُرهب ولا تُنفّر ولا تَعتدي، ولا تُعادي إلاَّ أعداء الدّين، ولا توالي إلاّ أولياء الله، ولا تنصر إلاّ السنة ولا تحارب إلاّ البدعة.

أما الخُطب المبتدعة التي يتمناها حسن شبكشي محكومة (بنبض الشّارع) فهي الفاسدة المفسدة الضّالة المضّلة المفتونة الفاتنة.

4) يظن عبد الله السّلطان أن (المستشرقين) إنما (يحكمون على الإسلام من خلال أعمال بعض من هم محسوبون على الإسلام).

ولو كان هذا كل خطئهم لكانوا أقرب إلى العدل من واقع حالهم، لجهلهم بالإسلام وعدم تمييزهم بين المسلم (أو الإسلامي) وبين الإسلام، ولكنّهم – ومعهم بعض المنتمين إلى الإسلام وراثةً وبخاصة العاملين في منظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان والدّاعين إليها – يرون في حدود الله من قصاص وتعزير، ومن قطع يد أو رجل أو صلب أو نفي للمفسدين في الأرض؛ قسوة ووحشيّة وهمجيّة لا تليق بعصر الحضارة الفكريّة الصّناعية الحاضرة، ويرون في سفور المرأة واختلاطها بالرّجال حقّاً من حقوق الإنسانية سلبه فقهاء الدّين.

أمّا فيما يتعلق بالخلط الفاسد بين الجهاد الشرعي وبين الاعتداء والخطف والقتل وزعزعة الأمن وترويع المسلمين أو غيرهم بغير حقّ سواء بالتّنفيذ أو بالتأييد في الدّاخل أو الخارج، فلا بد من إنكاره في خطب الجمعة وغيرها وبيان مخالفته لشرع الله لا لنبض الشارع.

وأشهد لقد سمعت أكثر قادة السياسة والدّين النّصراني يبرئون الإسلام من جريمة شنيعة ارتكبها بعض المنتمين إليه باسمه عدواناً وظلماً وجهلاً بحقيقته وأحكامه المتعلقة بمعاملة المسلم وغيره بالعدل.

5) يظن وليد فتيحي أن خير علاج لما يسميّه من نقل عنه (غربنة المرأة المسلمة والانحرافات السّلوكية) إنشاء (أندية للفتيات على الشواطئ تشتمل الصّالات الرّياضية وأحواض السّباحة ومراكز اللياقة والتزلّج على الجليد) مستشهداً بقول جريء مثله على شرع الله بغير علم ولا هدى ولا صراط مستقيم يدّعي أنّه (في العهد النبوي والخلافة الراشدة كان ثمّة حضور تألقت فيه المرأة على كافة الأصعدة) وأن (من تولى كِبْر تغيير ذلك فقهاء آثمون اجترأوا على نصوص القرآن والسّنّة بمؤلفات لا ريب أنها تحتاج إلى إعادة نظر).

وهذه الدّعوى الكاذبة المفترية على شرع الله وعلى عهد النّبّوة والخلافة الراشدة والفقهاء في دين الله إنما هي حلقة في سلسلة صحفيّة طويلة من الاعتداء على الإسلام وأئمته وفقهه؛ أسأل الله أن يلهم ولاة الأمر في بلاد التّوحيد والسّنّة المميزة من الله بالدعوة إليهما ونفي الخَبَث عنهما قطع هذه السلسلة الضّالة وقطع دابر العابثين بشرع الله وبالدولة الوحيدة القائمة عليه.

وإن قصد وليد فتيحي ومن نقل عنه – هداهما الله – بالغربنة: التّغريب والتقليد الغربي فَمِنْ أين جاءا بنوادي الفتيات على الشواطئ والصّالات الرّياضية ومراكز اللياقة والتزلّج على الجليد؟

أم هي المداواة بالداء !

أما نصوص القرآن فتأمر نساء النبيّ قدوةً لمتّبعات سنّته بالقرار في البيوت وتنهاهنّ عن تبرّج الجاهليّة الأولى – فضلاً عن الأخيرة – وأما نصوص السّنّة فتحض المسلمات على الصلاة في دورهنّ خير لهنّ من الصلاة وراءه في مسجده، وأمّا في عهد النّبوّة والخلافة الرّاشدة فلم يكن لخير النّساء المؤمنات (حضور) في ولاية الأمر، ولا مجلس أهل الحل والعقد (الشورى)، ولا القضاء، ولا في أصل الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، فضلاً عن أندية الفتيات على الشواطئ والتزلّج على الجليد.

6) ويظنّ عبد اللطيف الميمني أن ما يسميّه (مرحلة الأدلجة) في فكر الخوارج المُحدَثين يحتاج إلى دراسة متخصصّة ومتعمّقة حول مصادرها الفكريّة والتنظيميّة.

ولا أرى الأمر من الغموض بحيث يستحقّ هذا التّعقيدّ المقلِّلد للشكل الغربي، فقد بينّه بما لا يحتمل الشك ولا العناء قائد هذا الفكر (أيمن الظواهري) فيما نشرته جريدة الشرق الأوسط في عددها 8407 بتاريخ 1422/9/19هـ من مذكراته: (إنّ سيد قطب هو الذي وضع دستور [التكفيريين الجهاديين] في كتابه الديناميت: معالم في الطريق، وأنّ فكر سيّد [وحده] هو مصدر الإحياء الأصولي، وأن كتابه: العدالة الاجتماعية في الإسلام يعدّ أهمّ إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصوليّة، وأن فكر سيّد كان شرارة البدء في إشعال الثورة [التي وصفها بالإسلامية] ضد [من سماهم] أعداء الإسلام في الداخل والخارج والتي ما زالت فصولها الدّامية تتجدّد يوماً بعد يوم).

ومن يقرأ كتاب (العدالة الاجتماعية طبع عام 1949) وكتاب (معركة الإسلام والرأسمالية طبع عام 1950) لسيد قطب – تجاوز الله عنا وعنه – يعرف صلته بالثّوار في بداية عهد الثورة المصرية عام 1952م يرى بوضوح أن فكرة الثورة الاشتراكي مقتبس منهما، ثم انقلب السحر على الساحر فسعى سيّد إلى اغتيال رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وعدد من الولاة وتفجير محطة الكهرباء وبعض المنشآت دفاعاً عن حزب الإخوان المسلمين، فحاكمه الثوار وأعدموه بسبب ذلك كما أكد سيّد كلّ ذلك في بيان الدّفاع عن نفسه أثناء محاكمته ونشره أنصاره في جريدة (المسلمون) ابتداء من عددها الثاني من وثيقة بخط يده، ثم طبعه أنصاره في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق ضمن سلسلة كِتاب الشرق الأوسط بعنوان: لماذا أعدموني (أنظر ص 50 – 65).

وقد حَكَم سيّد قطب – تجاوز الله عنا وعنه – على سياسة الحكم والمال في القرون المفضّلة وما بعدها (بالخروج من دائرة الإسلام، بسبب الثراء الذي بدأ بداية صفيره في عهد عمر بن الخطاب ثم فشا فشّواً ذريعاً في عهد عثمان بن عفّان – رضي الله عنهما – بما أباحه عثمان من شراء الأَرضيْن في الأقاليم [لم يبيّن سيد من حرم ذلك]، حتى خرجت سياسة الحُكم نهائيّاً من دائرة الإسلام في عهد المنصور العبّاسي) العدالة ص 168-175 دار الشروق عام 1415 – بعد تعديلها وموته بعشرات السنين.

وقال سيّد في (معركة الإسلام والرأسمالية) ص8 دار الشروق عام 1414 الطبعة 13: (إن أرضنا تَمْلِك أن تنتج أضعاف ما تنتج، ولكنّها محتكرة في أيد قليلة لا تستغلها استغلالاً كاملاً ولا تدعها لمن لا يملكون شيئاً.. دع هذه الأرض تخرج من هذا الاحتكار وتتداوله الأيدي المتعطلة.. حينئذ تتبدل الحال غير الحال.. دع مقاليد الحكم للشعب حقّاً؛ حينئذ سيجد الشعب في خزائنه من حصيلة الضّريبة العادلة ما يُصلح به الأراضي البور في فترة معقولة من الزَّمان)، ومن الضّريبة العادلة عنده (أن تأخذ الدولة نسبة من الربح أو من رأس المال) ص123.

وأباح سيّد للدولة – خلافاً لشرع الله – أن (تَنْتَزع الملكيّات والثّروات جميعاً وتُعيد توزيعها على أساس جديد، ولو كانت هذه الملكيّات قد قامت على أسس شرعيّة ونمت بوسائل شرعيّة) المعركة ص 44.

وكان لسيد ما أراد ونَفَّذ قادة الثورة الذين كان يعمل معهم أكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميّاً.. وكان مقرباَ منهم وموضع ثقتهم ورشحوه لبعض المناصب الكبيرة الهامة وتشاوروا معه على المفتوح في الأحوال الجارية إذ ذاك؛ مثل: مسائل العمّال والحركات الشيوعيّة التخريبيّة بينهم، بل مثل: مسألة الانتقال ومدّتها والدستور الذي يصدر فيها، واستغرق في العمل مع رجال الثورة حتى فبراير 1953 عندما بدأ تفكيره وتفكيرهم يفترق حول هيئة التحرير ومنهج تكوينها وحول مسائل جارية في ذلك الحين، وانظم إلى جماعة الإخوان المسلمين في العام نفسه 1953. (ص12 -15 لماذا أعدموني).

نفذّ رجال الثورة فِكْرَهُ في الحكم للشعب وبالشعب وفي توزيع المال واستولوا على الأراضي الزّراعية ووزعوها على من لا يملكها ونفّذت قوانين التأميم التي كان سيّد يحلم بتحقيقها الإصلاح في فترة معقولة.

ولكن ما تم تحقيقه في فترة معقولة كان تأميم الفقر نتيجة لمضّادة الفكر ومصادمته لشرع الله، ولسوء الإدارة، ونَقَص المال في الأيدي وقلت البضائع في الأسواق، وزادت الحاجة إلى استيراد الطّعام فضلاً عن غيره من البلاد (الرّأسمالية والشيوعيّة).

وكانت الثورة من أهم أسباب الإصلاح في فكر سيّد (وبخاصة على نظام الحكم والمال الشرعي) فقد مجد الثورة الخارجية على أمير المؤمنين – ولي الله ورسوله المبشر بالجنة – الخليفة الرّاشد المهدي عثمان – رضي الله عنه – ووصفها بأنها (كانت فورة من روح الشباب) ومجد الثوار عليه ووصفهم بأنهم (الذين أُشْرِبَتْ نفوسهم روح الدّين إنكاراً وتأثّماً) العدالة ص161.

ومن أجل سياسة الحكم والمال أخرج سيّد عهد عثمان – رضي الله عنه – من الخلافة الراشدة خلافاً لإجماع أهل السّنّة والجماعة (العدالة ص172 قبل التعديل وبعده).

ومن أجل تلقي النظام والقيم والموازين والعادات والتقاليد من البشر كفّر سيّد المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة ولو اعتقدت بألوهيّة الله وحده وقدمت له وحده الشعائر التّعبديّة (معلم في الطريق ص101-103 دار الشروق ط.10 – 1403).

ومن أجل التقاليد والأعياد والعادات والأزياء حَكَم على البشرية كلّها بالردة (بما فيها أولئك الذين يردّدون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله) في ظلال القرآن ص1057 – دار الشروق.

ورسم سيّد – عفا الله عنا وعنه – الطريق للخوارج المُحدثين والإرهابيين والتّكفيريين ص2122: (بالانفصال عقيديّاً وشعوريّاً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومهم حتى يأذن الله بقيام دار إسلام يعتصمون بها، وأن يشعروا شعوراً كاملاً بأنهم هم الأمة الإسلامية وأنّ من حولهم أهل الجاهليّة.. وأنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التّعامل فيه شريعة الله والفقه الإسلامي)، وإذا كان هذا آخر فكره فهو لا يختلف عن أوّله فقد حكم في العدالة الاجتماعية ص185 قبل الثورة المصرية ببضع سنين بأنّ (وجود الإسلام ذاته قد توقف) وأكدّ ص216 توقّف وجود الإسلام (وأن هؤلاء الذين يدَّعون الإسلام ويتسمّون بأسماء المسلمين ليسوا بمسلمين، وأن من يرى أنهم مسلمون فهو يسير وراء سراب كاذب تلوح فيه عمائم تُحرِّف الكَلِم عن مواضعه وتشتري بآيات الله ثمناً قليلاً وترفع راية الإسلام على مساجد الضّرار).

وكما شهد أتباع فكره وشهدَتْ به معظم كتبه – أولها وآخرها وبخاصة ما وصف منها زوراً بالإسلاميّة – له بالإمامة في التكفير والتّفجير والخروج على الشرع والحُكم والسّنّة والإجماع (راجع فكر سيّد قطب بين رأيين من منشورات دار السنة بالبر عام 1422)؛ فإن كتبه – أولها وآخرها – تشهد له بالإمامة في الجرأة على القول على الله (ودينه والفقه والفقهاء فيه) بغير علم في هذا الزمان، فشمر الصحفيون والمفكرون والشعراء والممثلون والأطباء وغيرهم من المهنيين الدّنيويّين يحذون حذوه في الجرأة على الدّين والأمّة والولاية: أحل سيد قطب – تجاوز الله عنه – ما حرّم الله من التشريع بغير إذنه، وأخذ أموال النّاس بالباطل لتوزيعها بين من لا يملكها – كما تقدم من معركة الإسلام بن الإسلام والرأس مالية ص44 – وحرم ما أحل الله من الضّرب في الأرض وشراء الدّور والضّياع في الأقاليم – كما تقدم عن العدالة الاجتماعية في الإسلام ص173 – ولمز عدداً من فقهاء الصحابة بذلك بينهم ستة من أولياء الله المشهود لهم بالجنة – ص175- بل أخرج الحكام المسلمين بعدهم – بذلك (من كل حدود الإسلام في المال) ص168.

وعد ورثة الحكم (طعنة في قلب الإسلام ونظامه واتجاهه) – ص155.

وانتقد التفسير عند أئمة التفسير منذ نزول القرآن إذ (طمِسَتْ كلّ معالم الجمال فيه وخلا من التّشويق واللّذة، حتى عاد سيّد ليجد قرآنه الجميل الحبيب بعد أن هجرَ كتب التفسير القديمة والحديثة) التّصور الفنّي في القرآن الذي تذّوقه العرب فقالوا: {إن هذا إلاّ سحر يؤثر} ص18.

وأخيراً سخر من هيئة كبار العلماء في مصر لاستنكارهم- في بيان قدموه لرئيس الحكومة: (الاستهانة بأوامر الدّين ونواهيه، والإباحية والتّحَلُّل، ونوادي القمار والسّباق والمراهنات، ومسَابقات الجَمَال وشواطئ العري)، قال سيد: (وي! وي! هكذا أيها العلماء الأجلاء.. ولكن، وقد قُدِّر لشفاهكم الكريمة أن تنفرج عن كلام في المجتمع، أفما كانت هناك كلمة واحدة تقال عن المظالم الاجتماعية وعن رأي الإسلام في الحكم ورأيه في المال ورأيه في الفوارق الاجتماعيّة التي لا تطاق) معركة الإسلام والرأسمالية ص15، وفي المقابل وجد (إيماضة الحقيقة) في بيتين من النظم الهابط مبنى ومعنى:

(أخي قل لي ولا تخجل بماذا قد ترقيتا      وما أنت بذي جاه وعمركما تزوجتا) ص16

لينكر على هيئة كبار العلماء ما لم ينكره على نفسه ولا على حزبه من عدم استنكار الشرك الأكبر بالمقامات والمشاهد والأضرحة والمزارات التي كانت أوّل ما أنكره رسل الله جميعهم منذ نوح – عليهم السلام – بأمر الله، وكان أكبَرُهَمِّ سيّد وحزبه: سياسة الحكم والمال والثورة من أجلهما: (الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيّتها بيدها.. ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص.. وتختار.

إن أحداً لن يقدم لهذه الجماهير عوناً إلا أنفسها، فعليها أن تُعنَى بأمرها ولا تتطلع إلى معونة أخرى) معركة الإسلام والرأسمالية ص113 ط.13 عام 1414- دار الشروق.

واستجابت الجماهير لهذا النّداء المنشور قبل الثورة المصرّية ببضع سنوات، فماذا كانت النتيجة في كلّ شعب أجاب النّداء في مختلف البلاد المسلمة من الجانب الدّيني أو الدنّيوي؟

وهل بعد هذا البيان حاجة إلى (دراسة متخصصة ومتعمقة للبحث عن جذور الفكر الخارجي المُحدث)؟

وقى الله الإسلام والمسلمين شرّ هذا الفكر وشرّ المخدوعين به وتجاوز عن الجميع وردّهم إلى دينه ردّاً جميلا.

وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه.