لا عصمة لدم ومال غير المسلم [ردٌّ على د.وليد بن أحمد فتيحي الجاهل بشرع الله]

لا عصمة لدم ومال غير المسلم [ردٌّ على د.وليد بن أحمد فتيحي الجاهل بشرع الله]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين، إلى الأخ في الدين وفي وطن أسس من أول يوم على الدعوة إلى التوحيد والسنة متميِّزًا بذلك على كل دول المسلمين منذ القرون المفضلة د. وليد بن أحمد الفتيحي، هداه الله لدينه الحقِّ وثبَّته عليه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أما بعد: فقد وصل إلي ـ بعد بضعة أشهرـ مقال لكم في عكاظ بتاريخ 1426/11/25هـ بعنوان (لا عصمة لدم ومال غير المسلم) لأني (بفضل الله ومنه) حفظت وقتي عن مقالات الظن وأدناها ما تحيى به الجرايد الميتة؛ (والفرق بين الحياة والموت: ذكر الله) وأكبر جرائمها اليوم: القول على الله وشرعه بغير علم.

1) بدا الانزعاج على وجهكم (الموقر) وخفتم مما يحشى به عقل أبنائكم ـ كما قلتم ـ لأن كتاب التوحيد للصّفّ الأول المتوسط بيّن أنّه يعصم دم المرء وماله إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأقام الصلاة وآتى الزكاة إلا بحق الإسلام, وبالكفر بما يعبد من دون الله مثل المقامات والأضرحة.

وظننتم ـ وبعض الظن إثم ـ أن واضعي المنهج أخطئوا (لأنهم لم يذكروا الآيات التي تضمن التوازن في عقول أبنائكم) مثل: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ…} [الممتحنة: 8]. وواضعو المنهج هم كبار علماء الشريعة وعلى رأسهم: ناصر الحمد الراشد رحمه الله، ومعهم التّربويّون من العلماء وعلى رأسهم عبدالله الخياط رحمه الله، والتّربويون من الأدباء وعلى رأسهم عبد العزيز الرفاعي رحمه الله.

وأشهد لله شهادة حق أنهم أصابوا في هذا الأمر بالذّات بقدر ما أخطأتم، ولكن بعض مصائب حرّية الصّحافة المشئومة: الجرأة على الحق والقول بلا علم، بل بالجهل المركب.

ما رأيكم في كتاب الله؟ وقوله تعالى في سورة التوبة ورقمها (9) ص: (191): {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].

ولم تأت آية الموازنة ـ في لفظكم ـ إلا في سورة الممتحنة رقم (60) ص: (550).

ولو كتب في هذا المقرّر كلّ ما يظنّه الصحفيّون الجهلة بشرع الله حقًّا؛ لما رضي صحفي آخر جاهل بشرع الله كتب في جريدة الوطن يوم 1426/11/13هـ بعنوان (تضخُّم المناهج الدِّراسيَّة) وركّز مثلكم على نقد مادة التوحيد لطولها.

ولكنَّ أهل العلم بالشرع والتّربية والمناهج الدراسيّة يقدرون لكلِّ أمر قدره وهم بفضل الله أحرى من الصّحفيين بالصَّواب فرأس مال الأخيرين الخَرْصُ.

2) وبدا الانزعاج على عاطفتكم (الموقرة بما تستحق) للنّهي عن عبادة القبور وغيرها من مظاهر الشرك من لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه، والرقي والتّمائم والتّبرك بالشّجر والذّبح لغير الله والاستعانة بغير الله (وكأنه كتب قبل مئة عام وليس له صلة بواقع نعيشه أو جيل نسعى ليقوم بدوره الحضاري المأمول في عمارة الأرض كما يحبّها الله أن تعمر).

وهذا القول من لم يتعلّم أو لم يستفد مما تعلّم في مدارس دولة التّوحيد والسّنّة، وحال بينه وبين هدي الكتاب والسّنّة ملازمته إرثه الثقافي الأجنبي عنهما, أما كتاب الله ففيه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ} [الأنعام: 14]، وبقوله له ولجميع الرسل من قبله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزُّمر: 65]. وأما السنة: فقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أمّة أخرجت للناس ومنهم آل بيته وكبار صحابته وهو على فراش الموت من أشنع أبواب الشرك الأكبر: بناء المساجد على القبور واتخاذ القبور مساجد: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق عليه، مع أنه لم يكن حوله ولا حولهم مساجد على القبور، بل حذرهم وهو على فراش الموت من فعل النصارى: (أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا) إشارة إلى ما في الحبشة لا المدينة.

والكتاب والسنة قد أوحى الله يهما إلى رسوله قبل ألف وأربع مئة لا مئة عام فقط، ودين الله لا يتغيّر بتغيّر الزمان والمكان والحال منذ أنزله الله حتى قيام الساعة.

وليت (سعْي) الصّحفيين لقيادة الأمة في الدين ثم الدنيا يَتَوَقّف أو يوْقَف قبل أن يقود الغراب إلى جيف الكلاب، فإني (بدراستي وخبرتي الشرعية والتّربوية 50 عامًا) لا أشك في فساد قولكم وسعيكم كما إني لا أشك في أنكم تحسبون أنكم تحسنون صنعًا، هداني الله وإياكم لأقرب من هذا رشدًا وأعاذنا وإيَّاكم من الضلال.

3) لعلكم تظنون ـ جهلا ـ أن (عمارة الأرض كما يحبها الله أن تعمر) تكون بإلغاء الأمر بالمعروف وأعظمه توحيد لله لا شريك له, وإلغاء النهي عن المنكر وأشنعه الشرك بالله في عبادته، وهما أول وأعظم وأهم ما أرسل الله به جميع رسله لجميع خلقه من الإنس والجن رغم اختلاف الزمان والمكان والحال, وتظنون ـ جهلا ـ أن هذا (لا صلة له بواقع تعيشون أو جيلا تسعون لتهيئته….) كما فهمت من مقالكم غير الموفق, وصدق الله: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا} [النَّجم: 28]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الهُدَى} [النَّجم: 23]؛ والظن أو الفكر لا يصلح دليلا للهدى.

4) ولعلّكم تظنّون ـ جهلا ـ أن (عمارة الأرض كما يحبها الله أن تعمر) تكون بعلاج (غربنة المرأة والانحرافات السّلوكيّة, بإنشاء أندية للفتيات على الشواطئ تشمل الصّالات الرّياضيّة وأحواض السباحة ومراكز اللياقة والتزلج على الجليد) مستشهدًا بقول جريء آخر على القول بغير علم: (في العهد النّبويّ والخلافة الراشدة كان ثّمة حضور تألّقت فيه المرأة على كافة الأصعدة… وأنّ من تولى كبر تغيير ذلك فقهاء آثمون اجترؤوا على نصوص القرآن والسنّة بمؤلفات لا ريب أنها تحتاج إلى إعادة نظر) كما فهمت من مقال آخر لكم غير موفق في جريدة عكاظ (كفى الله الإسلام والمسلمين شرّكم وشرّها) عدد (13450) في 1424/4/24هـ، لا أقول: أين العلم بشرع الله؟ فهو لا يطلب من غير أهله.

ولكن أين الخوف من الله والغيرة على شرعه؟ أو على الأقل: أين الحياء من الناس كيف يطلب صحفي أو كاتب أو مثقف أو مفكر (إسلامي أو غير إسلامي) جاهل بشرع الله (لا يرقى بل لا يطمح إلى الفقه في الدّين والدعوة إلى الله على بصيرة) من الفقهاء في الدّين (الموقّعين عن رب العالمين) عدم الجرأة على نصوص الكتاب والسّنّة، وتركها له يعبث بها كما يشاء بلا راع من شرع أو عقل؟

5) قد لا تعلم أو لا تهتم ولا تدرك الفرق بين السّنة والبدعة وبين التوحيد والشرك، ولذلك لا تظن أنّ الشرك والابتداع موجودان اليوم ومنذ الفاطميين والعثمانيين ومن بينهما في بلاد العرب وبلاد العجم (الموصوفة بالإسلامية) باسم المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة وعتبات أولياء (الشيطان) وباسم التّصوف والموالد والمراقبة وباسم الفناء والوحدة والاتحاد والكشف والتجلي وأسماء كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان لم ينج منها غير هذه البلاد وهذه الدولة المباركة في القرون الثلاثة الأخيرة لأنها قامت على عقدٍ (بين الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود)، شرعي صريح على إزالة مظاهر الشرك وما دونه من البدع، ونشر التوحيد والسّنّة، وقد وفت الدّولة المباركة في جميع مراحلها حتى اليوم لهذا العقد العظيم استجابة لأمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ} [المائدة: 1] ولو كنت مقيماً بالهند لعذرتك بالجهل، ولكنّك عشت على نعم الله بالدّين والدّنيا هنا.

6) ظننتم (وكلّ ظنكم هذا إثم لأنكم تقولون على الله وشرعه بغير علم فأنتم مخطئون ولو أصبتم على بعدكم عن الإصابة) أن البّر الذي أمر الله به في آية: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ…} [الممتحنة: 8] أنه (من أعلى مراتب الحبّ) فخالفتم جميع المفسّرين المعتدّ بهم، بل خالفتم آية صريحة محكمة: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ…} [المجادلة: 22] مجرّد الودّ فضلا عن مبتدإ أو منتهى الحبّ.

وفي الصحيحين أنها نزلت في معاملة الأمّة الكافرة التي جاءت وهي راغبة في الإسلام, وقال الله تعالى في الأبوين الآمرين بالكفر: {فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] فبِرُّ الكافر المسالم إنّما يكون بالعدل والإحسان وعدم التّعدي ومعاملة بالبيع والشراء والإجارة والعارية والهدية ونحو ذلك كما كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم معهم.

7) ويحتمي كثير من المعتدين على شرع الله بفتنة التّكفير والإرهاب حتى لا يؤاخذ على أيديهم بحقّ الشرع المعتدى عليه, ولعل من أسباب التكفير والإرهاب الأولى ما تسمّونه (الفكر الإسلامي) إذا جعل مرجع الشريعة وأُحلّ محلّ الوحي والفقه فيه من أهله واغتصب المفكرّ والصّحفي والطّبيب ـ في هذه الحالة ـ وظيفة العالم بشرع الله وأقرب الأمثلة: سيد قطب الصّحفي ونوّاب صفوي الرافضي وأبعدها حسن الصّبّاح الإسماعيلي ومن سبقه من القرامطة والخوارج الذين استغنوا بفكرهم عن الفقه في الدين في القرون المفضّلة.

8) هل تجيز لطالب العلم الشرعي أن يقول برأيه في الطب (وهو ظني)؟ فكيف تقول برأيك في العلوم الشرعيّة (وهي اليقين من الوحي وفقهه)؟

9) وتلويحكم بالفرار للمدارس الأجنبية؛ حمايةٌ مصطنعة أخرى ولكلٍّ ما تولّى.

10) ولا شك في أن اللوم في الاعتداء الصّحفي على شرع الله يشترك فيه المعتدي ومن يقدر على صدّه (فلا يصدّه) من العلماء ورثة الأنبياء الذين اصطفاهم الله لنشر دينه وحمايته من اعتداء المعتدين عليه وتحريفهم.

أرجو الله أن يهديهم لحمل هذه المسئولية المضيّعة, وأن يرد ضال المسلمين (والمنافقين والكافرين) من الظنّ إلى اليقين ومن الفكر (الموصوف زورا بالإسلامي وغيره) إلى الوحي والفقه فيه من أهله.

وأشكر الله على كلّ حال وأنه عصمني من قراءة الجرايد والمجلات منذ ثلاثين سنة أو تزيد، فإذا كان هذا حال مقالين من فكرك فكيف بالباقي.

ردّكم الله إلى الحق وأمثالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.

جمادى الثانية 1427هـ.