من سعد الحصين إلى أبي الزبير المغربي [4] [ابن بطوطة]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى أبي الزبير عبد الرحمن عيروض، زاده الله من فضله، ونصر به دينه، وأعلى به كلمته.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فإجابة لخطابكم الكريم عن ابن بطوطة تجاوز الله عنا وعنه:

أ – أشكر الله على نعمته عليّ وعلى هذا الموقع الذي أحياه الله بفضله بعد أن مات مرّة وكاد أن يموت ثانية، ولم يتجاوز عدد المقالات والخطابات المنشورة فيه من قبلُ (230) تقريباً بعد نحو (10) سنوات من وجوده ونحو (5) سنوات من تجديده.

وجُمٍع فيه بفضل الله بين المقالات والخطابات مطبوعة ومخطوطة للرّجوع إلى الأصل عند الحاجة، وأُخرج ونُشر بفضل الله ما أُنْسِيْته فلم أعتقد بوجوده حتى نُشِر وزاد عدد المقالات والخطابات المنشورة عن (700) في عام واحد، ولم أر حذف شيء منها غير مقال التبليغ بطلب من الشيخ د. فهد الفهيد وفقه الله.

ب – أمّا ابن بطوطة تجاوز الله عنه فيقال عنه أنّه ولي القضاء، ولكن كانت ولاية القضاء لا تتطلّب أكثر من تحصيل قدرٍ كافٍ في الفرائض ونحوها أو رضا المفتي (وعين الرضا عن كلّ عيب كليلة)، ولم تثبت على قدر معيّن من المعلومات حتى وُجِدت مدارس ومعاهد وكلّيات العلوم الشرعيّة، وإن لم تضمن أهليّة خريجيها للقضاء أو غيره من المهن، وأنا أحدهم.

1) ولم يتميّز ابن بطوطة عن طلاب العلم الشرعي في عصره وأكثرهم (والنّادر لا حكم له): أشاعرة أو ماتوريدية في الاعتقاد، مقلِّدون في الأحكام، صوفيّة في السّلوك وطريقة الذّكر، ويدلّ تميّزه بالتّرحال والتاريخ وكذبه على ابن تيمية رحمه الله واتّهامه باختيار لفظ: (رأيْتُ) بدلاً من (سمعْتُ) على اختياره الظّنّ على اليقين واستبداله الأدنى بالذي هو خير، عفا الله عنه.

2) كتابه الوحيد عن ترحاله: (تحفة النّظّار) لم يكتبه إلاّ استجابة لأمر الأمير أن يُمْلِيَه على من كتبه له.

3) أمّا اتّخاذ المشركين من المنتمين إلى الإسلام قبره عيداً فاللوم عليهم لا عليه، وقبله وُجدت أوثان في العراق باسم علي والحسين رضي الله عنهما وأوثان في مصر باسم الحسين والشافعي رضي الله عنهما وأوثان في بلاد الشّام باسم الحسين رضي الله عنه وابن عربي وآلاف غيرها في مصر والشّام والعراق والسّودان وفي كلّ بلد عربي (غير السّعوديّة بفضل الله عليها وبها)، وفي كلّ بلد أعجمي ينتمي أهله للإسلام والسّنّة والبدعة.

4) أما لماذا كذب على ابن تيمية رحمه الله؛ فلأنّه حاطب ليل ينقل ما يَسْمع ويهمّه تجميع الأخبار أكثر من توثيقها، وهذه صفة سيّئة لا يكاد أن يتطهّر منها أيّ كاتب للسّيَر أو التّواريخ أو الرّحلات حتى أعلام السّلفيّين منهم مثل ابن كثير رحمه الله في (البداية والنهاية). وبارك الله فيكم وعليكم وحفظكم هداة مهتدين دعاة إلى الله تعالى على بصيرة.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه، تعاونا على البر والتّقوى. في بيروت 1435/8/13هـ.