السَّلفيَّة بين سُمُوِّ الدولة ودناءة الصَّحافة
السَّلفيَّة بين سُمُوِّ الدولة ودناءة الصَّحافة
بسم الله الرحمن الرحيم
1- لم أُبْتَل ـ مثل الأغلبية ـ بمتابعة وسائل الإعلام الضالة (وأضلها الصحافة) فقد ميَّزني الله بفضله (على أكثر العرب والعجم والمسلمين وغير المسلمين منتمين إلى السنة أو البدعة) فحبَّب إليَّ اليقين من الوحي في الكتاب والسنة والفقه فيهما من أهله الموقِّعين عن الوحي ببيان النبي صلى الله عليه وسلم وفهم أصحابه وتابعيهم في القرون الخيرة ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ، وكرَّه إليَّ الكفر والفسوق والعصيان، ومنه: إضاعة المال والوقت والجهد ـ بل الدين والعقل ـ في متابعة زيف الجهل الصحفي الذي استعمله الشيطان في قيادة الأمة إلى الخراب الديني والدنيوي؛ فصارت الصحافة شرَّ خيل (أو حُمُرُ) الشيطان ورَجِله يُجلب بهما ليشارك عباد الله في الأموال والأولاد ويَعِدُهم ويُمنِّيهم، وما يعدهم الشيطان إلاّ غرورا. ويُضلهم بغير علم.
وأعْجَبُ من مسلم آتاه الله القليل أو الكثير من المال ليُسأل عنه يوم القيامة فِيمَ أنفقه، ثم هو ينفق القليل أو الكثير منه في تدخين ورق ونبات التِّبغ (الذي تعافه الحمير) أو في استهلاك ورق وهذْر الصحف، عافانا الله مما ابتلاه به وعافاه؛ ولعل إضاعة المال (وغيره) في التدخين ـ على سوئه ـ أخف ضررًا على الفرد والجماعة وعلى الدين والدنيا من إضاعة المال (وغيره) في تعويد النفس والأهل والولد على استساغة فكر الصحافة الجاهلة.
2- وقد تلقيتُ من أخي في الدين والدعوة على منهاج النبوة الشيخ د. محمد بن فهد الفريح الأستاذ بمعهد القضاء العالي في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض (وهو خير من كفاني الله بهم شر متابعة الصحف للرد على هذيانها والتحذير منه)؛ تلقيتُ منه نسخة من رده العلمي الرصين على هذيان كاتب جاهل بشرع الله سمّى نفسه: (زياد الدريس) في جريدة الحياة (1433/2/10هـ)، ورغب في تعاوننا ـ كالعادة ـ على البر والتقوى في مكافحة تعاون الصحفيين على الإثم والعدوان؛ ولقد أحصيت أربع محاولات صحفية في شهر واحد تطالب بعودة أوثان المزارات باسم: (الآثار الدينية) في جريدة المدينة اقتداءً بخامسة في جريدة عكاظ، وتبعها سادس الصحفيين، ولا أقول كلبهم، فهم من فئة ضالة واحدة، والكلب يُظلم إذا قرن بهم كما قال الله تعالى: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179]، فليس الكلب من دعاة الضلال، وهو مهتد بهداية الفطرة، ولا يَعَضُّ اليدَ التي أطعمته وآوته وعلمته وأغنته وأمَّنته؛ قارِنه بالصحفي الذي يشاقُّ سيده ووليَّ أمره في أعظم أمر: (المعتقد)، وأهون أمر: اللباس فيختار زيًّا يُذكر غيره ببلده الأصلي الذي نقل منه إرثه الديني المبتدع، هداهم الله وكفى المسلمين شرهم وأمثالهم. وموضوع هذا المقال من أوضح الأمثلة على ضلال الصحفي وجرأته على إعلان باطله، وخطره على الإسلام وأهله وبلده ودولته:
3- أميرُ السنة وراعي الدعوة السلفية وليُّ عهد دولة التوحيد والسنة يُعلن على منبر جامعة الإمام محمد بن سعود في افتتاح ندوة (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني) بتاريخ: 1433/2/2هـ: (هذه الدولة المباركة قامت على المنهج السلفي السوي منذ تأسيسها على يد محمد بن سعود وتعاهده مع الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهما الله ـ ولا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله وهي تعتز بذلك).
4- ويأتي الغِرُّ الجاهل فيقول ـ هداه الله أو فضَّ فاه في رده على وليِّ الأمر، وعلى الندوة والقائمين عليها والمشتركين فيها، بل على شرع الله وسنة رسوله ـ: (هذه الدولة التي ارتقت بمنظومة التعاون الخليجي نحو اتحاد خليجي هي ذاتها الدولة التي دعت الأسبوع الماضي إلى الهبوط من دورها المركزي في رعاية الإسلام والدعوة إليه إلى رعاية السلفية وتبني استراتيجيةٍ لنشر المنهج السلفي خلال ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني). أنظر كيف يوالي الظنّ ويبرأ من اليقين.
5- ولأنه يَجهل ويجهل أنه يَجهل، فقد يعذره الله بجهله، وهو الغفور الرحيم، ولكن كيف تُطلق الثيران في محل الأواني الزجاجية؟ وكيف يُطلق للصحفي الجاهل بشرع الله قلمه أو لسانه في الحكم على شرع الله وعلى النهج الذي اختاره الله وسنَّه رسوله للمسلمين عامة، وميَّز الله به هذه الدولة المباركة التي أُسست عليه من أول يوم منذ (275) سنة؟ لا شك أن ذِمَّة الأمَّة لا تبرأ بذلك، وهي خير أمة أُخرجت للناس منذ نهاية القرون الخيرة، وأن إطلاق الحرية للصحفيين الجهلة للقول على شرع الله بغير علم يُنافي شكر نِعم الله تعالى على هذه الدولة وتمييزه لها منذ ألف سنة.
6- وفَّق الله سمو الأمير نايف فردَّ على الجهلة من قبلُ ومن بعدُ: (وتدرك (الدولة) أن من يقدح في نهجها (السلفي) أو يثير الشبهات والتهم حوله؛ فهو جاهل يستوجب بيان الحقيقة له)؛ ولكنَّ غثاء المحكومين الذين لم يهدهم الله لما هدى له الحكام لن يكفيهم ـ والله أعلم ـ بيانهم، فقد سبق أن قدّمتْ لهم الدولة أحكام شرع الله في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها وبعض برامج إعلامها، فأبَقُوا من الفقه الشرعي إلى الفكر الضال، وشره وأكثره من منهاج حزب الإخوان المسلمين، فهذا الحزب الشيطاني هو من أحدث الفتن الدينية والدنيوية ـ كما قال الأمير نايف مرارًا ـ في بلاد المسلمين. وأرى من حق الإسلام والمسلمين أن يُعَزَّر المُصِرُّ على نشر جهله وضلاله منهم بالجلد والسجن وكف لسانه وقلمه عن الإضلال.
7- هذا الصحفي الغِرُّ الجاهل بشرع الله لا يجد ما يستدل به على هذره الضال غير اصطلاح ابتدعه الضالون عن منهاج السنة: (الإقصاء)؛ فيضيق بسلفي في فرنسا يشكوا إلى الله ممن امتطاهم الشيطان للصَّدِّ عن المنهاج السلفي (الروافض والصوفية والعلمانيين والإخوان والتبليغيين والأحباش)، ولا يَعقل أن الله أنزل كتبه وأرسل رسله لاقصاء الشرك (والابتداع عامة) واقصاء المنافقين والمشركين والكافرين والنصارى واليهود والمجوس، والتحذير من مناهجهم الضالة، ولا يَعقِل أن النبي صلى الله عليه وسلم بوحي الله إليه أقصى ثنتين وسبعين فرقة من هذه الأمة وأبقى فرقة واحدة: ” من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي“ أي: السلفية؛ فهي وحدها التي بقيت على منهاج السلف من الصحابة وتابعيهم في القرون الخيرة. أما من انتصر لهم؛ فالروافض يتبعون صاحب السرداب، والصوفية يتبعون خرافة البهاء نقشبند ـ مثلًا ـ ومن كراماته أنه نذر لله أن يقف أربعين يومًا على رجل واحدة أمام الكعبة، والعلمانيون يتبعون الفكر الأوروبي المقصي للدين، والبقية يتبعون صوفيًّا باسم حسن البنا، أو محمد إلياس، أو عبد الله الحبشي، تجاوز الله عمن مات موحدًا منهم ومن غيرهم.
وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]؛ وَمَن المؤمنون الذين أوجب الله اتباع سبيلهم إن لم يكونوا الصحابة وتابعيهم؟ لا حاجة إلى! وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي“، وقال: ” خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم“، هؤلاء هم قدوة السلفية والسلفيين، ومن شدَّ وسطه لغيرهم (في لفظ ابن تيمية) فليس بسلفي. والله الموفق ةلعلّ الله لا يؤاخذنا بما يقول سفهاء الصّحفيّين والفكريّين منّا (بل منهم).)
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، في 1433/2/13هـ.