من سعد الحصين إلى إمام وخطيب مسجد الربيع
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى فضيلة إمام وخطيب مسجد الرّبيع زادهم الله من فضله.
أما بعد: فالحمد لله الذي وفق القائمين على هذا الجامع إلى الأخذ بالتي هي أقوم من أكثر وجه، واستجابة لما فهمت من رغبتكم في التّعاون على البرّ والتقوى:
1) التزام الجمع بين الآيتين الثالثة والرّابعة، وبين الآيتين السّادسة والسّابعة من سورة الفاتحة مخالف لما قضى الله تعالى وسنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد فرق الله تعالى بين الآيات ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ الوقوف على رأس كل آية، والظّنّ بأن الجمع بين بعض الآيات أبْيَنُ للمعنى قد يصل إلى الاستدراك على الله ورسوله: {كتاب مبين}، {لتبيّن للناس}.
2) التّرسّل في القراءة الجهرية (في الفاتحة بخاصّة) وتركه في القراءة السّرّيّة مُخَالَفَةٌ لأمر الله بالتّرتيل مطلقاً ولسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم.
3) خطبة الجمعة من فرائض العبادة شرعها الله لتعليم الناس دينهم (فرض عين) فلا يجوز أن يُدْخَلَ فيها إلا اليقين من الوحي أو الفقه فيه من أهله، ولا أعرف أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أدخل فيها شيئاً من أخبار الحوادث والطوارئ مهما عظمت لا غزوة بدر ولا أحد ولا حنين (ولا الهجرة ولا الاسراء والمعراج في يوم ذكراها) ولا الإفك ولا غير ذلك من الحوادث الكثيرة المهمّة إلا أن تكون آية من كتاب الله أو حديثاً من سنّة نبيّه.
فإدخال أخبار وسائل الإعلام (الظّنيّة في أحسن أوصافها) في العبادة لا شك أنه انحراف (في القرن الأخير) عن منهاج النبوّة، وأصحّ وأصرح ما ثبت عن الخطب النبوية ما رواه مسلم في صحيحه عن أمّ هشام رضي الله عنها قالت: (كان تنّورنا وتنّور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً سنتين أو سنة وبعض سنة وما أخذت {ق والقرآن المجيد} إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس) وبيّن ابن القيّم في زاد المعاد والصّنعاني في سبل السّلام أن خُطَب النبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج عن محتوى سورة {ق} مفهوماً ومنطوقاً.
وأخبار الحوادث (بعد ردّها إلى أولي الأمر) يمكن بعد التثبّت من أمرها الحديث عنها في غير العبادة المفروضة (خطبة الجمعة) كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل وهو الأسوة الحسنة بأمر الله.
4) ولأن خطبة الجمعة فريضة فلا يليق بها إلا لغة القرآن والسّنّة، لا لغة الدّارجة لوسائل الإعلام وما يسمّى بالفكر الإسلامي (خطأ لغة وشرعا) فلا يليق بكلام الله – مثلاً – أن يوصف بالدّستور (كلمة أعجمية سُمِّيَ بها حكم الطّاغوت) ولا يليق بخطبة الجمعة السّجع ولا الشعر، ولا القصص ولا الأمثال التي لم يأت بها الوحي.
5) والدّعاء عبادة يُكثر منها في السجود ويُقلّل منها في القنوت لا العكس، ولا يقال فيها إلا الحق، وليس من الحقّ: (اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم جياع فأطعمهم)، وأولى بهم الدعاء لهم بالهداية (للجميع) قبل الدعاء بالنصر، فلا نصر بلا هداية إلا أن يكون فتنة وابتلاء: {وتلك الأيام نداولها بين الناس}، وأوثان المقامات والمزارات الخاصّة بالمنتمين للإسلام والسّنّة في فلسطين ومصر وأفغانستان والبوسنة والعراق وعُمَان وغيرها أكثر من الخاصّة باليهود والنصارى.
هدى الله الجميع لأقرب من هذا رشداً، وللحديث بقية إن شاء الله.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البرّ والتقوى وتحذيراً من الإثم والعدوان.
الرّسالة رقم/46 في 1427/3/10هـ.