من سعد الحصين إلى مدير عام شركة الفرقان للإعلام والإنماء

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الدّين/ مدير عام شركة الفرقان للإعلام والإنماء، وفقهم الله لطاعته والدّعوة إلى سبيله على بصيرة.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فبرغم انقطاع علاقتي الادارية والتمويليّة بإذاعة صوت الاسلام وجمعية التّقوى الاسلامية منذ نهاية عام 1413، كما أكّدت ذلك رسميّا في رسالتي لسماحة مفتي الجمهورية اللّبنانيّة رقم98 في 1415/5/10، وكما أشرت إلى ذلك في رسالتي لكم برقم73 في 1414/5/25 بعد عودتكم من أمريكا، بالرغم من ذلك لا يجوز أن تتوقّف النّصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم.

وعلى هذا استمر اتصالي بكم (وبجميع الإخوة العاملين في حقل الدّعوة إلى الله في كل مكان) ودعائي لهم مهما اختلفنا.

أ – وقد عرفت منكم جمع شتات الإذاعات الدّينيّة في لبنان على اختلاف مناهجها في (إذاعة القرآن من لبنان) في محاولة للحصول على موافقة الدّولة اللبنانية على بقائها، وتابعت هذه الإذاعة في مرحلتها التّجريبيّة ولاحظت ما يلي:

1) تراجع مستوى برامجها التّجريبيّة عن مستوى برامج (صوت الإسلام) رغم انحرافها عن هدفها الأصلي: نشر العلوم الشرعية ونزولها إلى مستوى الجادبيّة الاعلاميّة العامّية.

2) لو أنّها تجنّبت الخوض في الأحكام الشرعية عقيدة وعبادة لما كان هذا شذوذاً عن القاعدة العصرية في الفكر الاسلامي فليست الأحكام الشرعية أكبر همّ مؤسّساته القائمة على الفكر والظّنّ والعاطفة البشريَّة: {إن يتبعون إلاّ الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}، ولكنّها بدأت (بتشريع الجهاد) وليس رأس الأمر ولا عموده ولا قوائمه ولا جسده، (إذا صحّ الحديث): ذروة سنامه أي آخر مرحلة فيه قد تدعوا إليها الحاجة أو لا تدعوا إليها.

وحلقة (تشريع الجهاد) تقوم على التاريخ: والسّير أكثر مما تقوم على السّند الصحيح إلى الوحي وفقه الأئمّة فيه.

3) لم ينس واضعوا برامج التجارب نصيب المبتدعة فاقتبسوا من أسطورة رابعة العدويّة: (حبّ الهوى) لله، (وكشف الحجب) للعارفين والواصلين (حتى يروه).

4) مما التزمت به (صوت الإسلام) مشكورة وأسقطته التجربة الجديدة: عدم الإعلان عن اسم المتكلم، وفي ذلك محاذير كثيرة سبق أن تحدثنا عنها وبدا لي اتفاقنا حولها

5) الدّعوة إلى الله لا تجوز إلاّ لعالم بما يدعوا إليه، وإن كانت (صوت الإسلام) انحرفت عن هذه القاعدة (التي أُسِّست عليها) كثيراً؛ فان تجارب (إذاعة القرآن من لبنان) تدل على انحراف أكثر بحيث يحقّ لمن بكى من انحراف الأولى أن يبكي عليها الآن.

كنت قبل قليل أستمع إلى أحد (علماء) العصر الذين أعلنت عنهم الاذاعة بأسمائهم فخراً ودعاية، وتكلّم عن القرآن وختم آيتين متتاليتين بالمعنى أو قريباً منه، وليس باللفظ الذي أنزله الله: {وأنصتوا لعلّكم ترحمون} قال لعلكم تفلحون، وقرأ: {لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} فقال: اختلافاً كبيراً. واختار أبعد الآراء عن نصّ القرآن فقال: الأولى الجهر به فإن خاف مضايقة غيره أسرّ به، والله يقول: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} ويقول: {ودون الجهر من القول} ومجمل الأحاديث الثابتة عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج عن ذلك، وحاشاه أن يفعل.

6) يبدوا لي أن إذاعة (صوت الإسلام) انحرفت لإرضاء المستمعين وأن افتتاحية إذاعة (القرآن من لبنان) انحرفت أكثر لإرضاء القائمين على الإذاعات المتّحدة مع المستمعين.

7) أرى إرضاء الجميع بما يرضي الله: الأخذ من كتب السّنّة المتّفق عليها في العقيدة والعبادة والمعاملة ومنها: الآداب والأخلاق: وأن يُخْتار القارئ من المتمكّنين من اللغة العربيّة. 

ب – وعن مقدّمة مشروع المؤسّسة التعليميّة، أرى الابتعاد عن المبالغة في المدح والقدح، والاكتفاء بعرض الوقائع موجزة: 

1) كم مدرسة ومعهداً أنشأتها جمعية النور والإيمان الخيريّة؟ فأنا لا أعرف غير مشروع مدرسة واحدة ومعهد واحد لم تبدأ الجمعية في تشغيلهما، فألغي المعهد وانتقلت ملكيّة المدرسة.

2) وهل هدف الإذاعات والمدارس والمستوصفات: مسخ الشّخصيّة الحقيقية لأبناء السّنّة والجماعة؟ والربح الدّنيوي؟ 

3) وهل أثّرت (الجوزيّة) على ابن القيم رحمه الله غير الصّوفيّة والأشعريّة؟ أما هو فيؤكّد في الكافية الشافية أن الله أنقذه بفرد: ابن تيمية رحمه الله، وليس بالوقف، وقس على ذلك بقية الأوقاف في بلاد الشام، ودروس المشايخ من أهل السّنّة الصحيحة والبدعة.

4) أرى الاكتفاء بأدلّة القرآن والسّنة وفقه الأئمة فيهما لترويج مشروع ديني؛ فهذا اختيار الله وهو أعلم بخلقه وما يصلح لهم وما يصلحهم، ولا يصلح آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها، وهذا هو المعنى الصحيح والتطبيق الصحيح لقولنا: إنّ هذا الدّين صالح لكلّ زمان ومكان. وفقكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين، عفا الله عنه.

الرسالة رقم97 في 1417/3/26هـ.