من سعد الحصين إلى معالي وزير الحج والأوقاف [1] [ملاحظات على المساجد في المملكة]

 بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى معالي وزير الحج والأوقاف وفقه الله لطاعته(1)

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فقد أوجد الله هذه البلاد وهذا المجتمع قدوة للمسلمين في كل مكان فميّزه بين الأقطار الإسلامية بخلوّه من مظاهر الشرك وأعظمها بناء المساجد على القبور.

وقد ظهر في السنوات الأخيرة اهتمام وزارة الحج والأوقاف ببناء المساجد والمحافظة عليها جزى الله العاملين عليها خير جزائه.

ولكن يظهر لي أن الجهات المختصة في الوزارة تبالغ أحياناً فتتجاوز الحدود الشرعية بنيّة حسنة وإليكم بعض الأمثلة:

1) في بعض المساجد يوضع لفظ الجلالة بحروف بارزة في المحراب وحوله أشعة بلون ذهبي رمزاً إلى الله سبحانه وتعالى نور السماوات والأرض.

وفضلاً عن أن العلماء كرهوا كتابة لفظ الجلالة أو شيئاً من القرآن على جدار المسجد لأن ذلك لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفائهم الراشدين ولا صحابته ولا التابعين ولا تابعيهم من أئمة المسلمين وعلمائهم ولما قد يحدثه ذلك من اشتغال المصلي عن صلاته..

أعظم من ذلك – في رأيي – تشبيه الله بخلقه.. تشبيه نوره بنور الشمس أو غيرها.. وقد يتخذها الشيطان أعاذ الله الجميع منه لعبادة الرّموز يهدف بواسطتها إلى الوصول بالمسلمين إلى ما وصل إليه بالنصارى في كنائسهم من عبادة الأشكال.

2) في بعض المساجد يكتب على المحراب: {كلما دخل عليها زكريا المحراب} أو {فنادته الملائكة وهو يصلي في المحراب} ظنّاً من كاتبها أن هذا هو المحراب المقصود في القرآن.. وفي هذا استدلال بالآيات في غير موضعها الصحيح.. فمعنى (المحراب) في القرآن: مكان العبادة.. زيادة على اتّخاذ القرآن للزينة.. وإشغال المصلين بالزخرفة الخطّيّة في المساجد.

3) في أغلب مساجد الوزارة يوضع محراب متوّج في وسط المحراب الكبير..

والمحراب – كما تعلمون – ليس بجزء أساسي من المسجد ولم يوضع في المسجد الحرام ولا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته.. وإنما اتّخذه بعض المسلمين فيما بعد لتوسعة رقعة المسجد بتوفير الصّف الذي كان يشغله الامام.. وقد ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه النهي عنه لما رأى فيه من تشبّه بمحراب الكنيسة وكره العلماء الصلاة فيه.

والمحراب الكبير في نموذج مساجد الوزارة له فائدة إضافية باستيعاب المنبر بحيث لا يبرز فيقطع الصفوف ولكن لا فائدة للمحراب الثاني إلا الزينة وهي غير مشروعة في المساجد إضافة إلى الإسراف في النفقة والله لا يحب المسرفين – ولو في غير زمن التقشف – وهذا التاج على رأسه لا يحقق إلا تجميع الأتربة فوقه.

4) القبّة من العمارة الكنسية كالأقواس وليست من العمارة الاسلامية كما يظن جهلة المهندسين المعماريين المقلّدين وليست للإسلام عمارة ولا فنّ إلا ما تمليه الضرورة في مثل ما ورد عن عمر رضي الله عنه: أكنّ الناس من المطر وإياك أن تحمّر أو تصفّر.. إنما هو حبّنا للثقافة الغربية وحبنا للدّنيا رغبنا أن لا يفوتنا في المسجد كما حرصنا على وجوده في بيوتنا وشوارعنا ومؤسساتنا.

5) ومن الزينة المأخوذة من الكنائس إلى المساجد تعليق ثريّا كهربائية في الوسط لا هدف لها إلا الزينة.. وكذلك الزجاج الملوّن.

6) ومن الزينة غير المشروعة التيجان فوق السواري والأطواق حولها.

7) ومن التقاليد الجديدة الخطرة وضع رمز البلاد: السيفين والنخلة تحت جَبْهَة المصلِّي.. التي قد يختلط فيها تعظيم الرّمز الوطني بالهدف من السجود وهو تعظيم الله وحده والخضوع له.

وقد كانت الوزارة – في الفترة القريبة الماضية – بدأت في التخلّي عن الزخارف المكروهة في بسط المساجد واستعاضت عنها بِخّطٍّ عريض لضبط موضع القدم، ثم وُضِع رسم السجادة والرمز الوطني. أرجو التفضل بالنظر في هذه الملاحظات وأخذ ما ترون من الصواب فيها والتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله فيما نختلف فيه. وفقكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) أخذ معالي الوزير ببعض المقترحات أثابه الله.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.

الرسالة رقم/134 في 1408/4/20هـ.