المحافظة على الوقت وصرفه فيما خلقنا الله له
المحافظة على الوقت وصرفه فيما خلقنا الله له
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصيّن إلى إخواني في الدّين وفي وطن تجديده(1) وفقني الله وإياهم لطاعته وبلّغني وبلّغهم رضاه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وأرجو الله لي ولكم سعادة الدّنيا والآخرة.
وقد لاحظت أنّنا في تطلّعنا وسعينا للحصول على هذه السّعادة في خطر من أن يقصر بنا التّطلّع والسّعي عند اتباع أعداء الله وأعداء أنفسهم في صرف أوقاتنا في اللذّة والمتاع الدّنيوي فيكون مستقبلنا الحقيقي ضائعاً معهم.. ويكون حظّنا في الحياة الدّنيا أقلّ من حظّهم حيث كان لهم مع الاستهلاك: الانتاج.. وكان لنا الاستهلاك وحده.
والاسلام (وهو أعظم نعم الله علينا) قد يكون ميزة لنا عليهم إن عشناه.. وقد يكون حجّة علينا إذا غفلنا عنه بالتّسلية الدنيوية حلالها وحرامها.. ولهذا أنذر الله سبحانه وتعالى في آية واحدة غير المؤمن من عاقبة تأخير الإيمان.. وأنذر المؤمن من عاقبة تأخير العمل بإيمانه: {يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً} وإذا نظرنا في حياتنا اليوم وجدنا أن أهم أهدافنا: طيب المطعم وطيب المسكن وكثرة النّوم وكثرة التّسلية: ونعوذ بالله من سيء هذه التسلية: الهمز واللمز والاشارات البذيئة والضحك المميت للقلب ولعب الورق والاستماع للأغاني ومشاهدة الأفلام (الساقطة في المبنى والمغزى والتّنفيذ) والتفاخر بمتاع الغرور.. ثم ينصرف الوقت فلا يبقى في حياتنا نصيب لقراءة كلام الله وكلام رسوله والعمل الصالح الذي خلقنا الله من أجله وسيحاسبنا على نصيبنا منه يوم يقال لكلّ منّا: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً}.. ويا خجلي من ربّي عندما أقرأ كتابي عليه فأجد أكثره في الفكر والقول والعمل الذي لم يخلقني له ولا ينفعني عنده فضلاً عمّا إذا كان يبعدني عنه.. وأين العذر وقد أعطاني كتابه ورسوله وبيته وأوجدني في بيئة مسلمة..
أستغفرك يا ربّ.. ولّيتني أمر نفسي بالاختيار بين الطّاعة والمعصية وبين الهداية والغواية وبين حياة الحيوان والحياة الربّانية.. فاخترت طاعة نفسي وهواي وشهواتي وطاعة الشيطان وأعوانه.. وولّيتني مصالح المسلمين فكنت قدوة سيّئة لهم في المظهر والمخبر.. يدخل المسلم بيتي ومكتبي وينظر إلى تفاصيل حياتي فلا يكاد يجد فرقاً بينها وبين حياة من لم يرزقوا نعمة الهداية ولم يبعثوا ممثّلين لدولة التّوحيد والدّعوة إلى الله.. وللقدوة مثل إثم المقتدى.. «ومن سنّ في الاسلام سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».
كتبت هذه الأسطر تذكيراً لنفسي ولإخواني وفي الحلق غصّة وفي القلب حزن عميق على ما قابلنا به نعم الله علينا فانشغلنا بالنّعمة عن الشكر.. وبالعلم عن العمل.. وبالدّنيا الذّاهبة عن الآخرة المقبلة.. وعلى كلّ منّا واجب التّذكير لأخيه ولنفسه عسى أن يدخلنا الله في نهاية هذا الشهر العظيم مدخل صدق ويخرجنا مخرج صدق فنتفقّد أحوالنا ونعرضها على أوامر الله ونواهيه وعلى منهج رسوله صلى الله عليه وسلم والصالحين من سلف هذه الأمّة.. ونعاهد الله ألاّ نهجر بيته وكتابه وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وأن نبدأ باقتطاع وقت من يوم وليل الغفلة للصّلاة مع الجماعة في المسجد وقراءة حزب من القرآن بالتّدبّر ونية العمل والتّعرف على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بقصد الاقتداء بها وعلى سنّته بقصد تطبيقها.. ومحاولة وقاية أنفسنا وأهلينا من النّار بالقيام على شرع الله وأن نوالي من والى الله ونعادي من عاداه.
نفعني الله وإياكم بإسلامنا وأعاذنا من نزغات الشيطان وشرّه وشركه والحمد لله أولاً وآخراً.. والصلاة والسلام على نبيّنا وقدوتنا وآله وصحبه وتابعيه إلى يوم الدّين.. اللهم واجعلنا منهم برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) كتبت هذه الأسطر تذكيراً لنفسي وزملائي في اليفارة السّعوديّة بالأردن.
كتبه/ سعد بن عبد الرّحمن الحصيّن في نهاية رمضان 1403هـ