ويل للداعي الشجيِّ من الصَّحفي الخليِّ

ويل للداعي الشجيِّ من الصَّحفي الخليِّ

بسم الله الرحمن الرحيم

ابْتُليَتْ بلاد الدعوة إلى التَّوحيد والسُّنة بصحفيِّين وكتَّاب علمانيين، وحركيِّين وحزبيِّين ومفكِّرين إسلاميِّين (بزعمهم) حُرِموا من العلم والعمل الشرعي والدَّعوة إلى الله على منهاج النُّبوة، وحَرَموا أنفسهم من التَّخلُّق بأخلاق الإسلام، والحياء من الله ومن خلقه، والوقوف عند حدود قدراتهم الجبليَّة والمكتسبة، وتقوى الله فيما يقولون وما يفعلون خشيةً من تضليل الأمَّة الخيِّرة عن شرع ربها، وصرفها عن طاعة الله ورسوله وطاعة أولي أمرها، وإثارة الفتن فيها. وقد كتبت مقالات عدَّة عن محاولة هؤلاء اغتصاب منابر الدّعوة والخطابة والتَّعليم والتَّوجيه في خير أمَّة أخْرِجَتْ للناس بعد القرون المفضلة، وهم أقلّ النّاس أهلية للاصلاح الدّنيوي فكيف بالدّيني.

ومن أسوأ الأمثال زوايا (حمود أبو طالب) هداه الله وكفى الإسلام والمسلمين شرَّه، وأعاذنا من شر الزَّوايا الصَّحفيَّة والصُّوفيَّة والحزبيَّة:

أ- ذَكَرْتُ من قَبْلُ افتراء الزَّاوية المظلمة على (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ميزة البلاد والدّولة المباركة الأولى) بعد أن برَّأها سمو وزير الدَّاخليَّة نصر الله به دينه.

ب- وذَكَرْتُ من قَبْلُ افتراء الزاوية الجاهلة على الأمَّة المصطفاة بتساؤلها على لسان قرينتها الضالة عن (صحَّة انتماء هذه الأمَّة للبشريَّة) لأنه لا مسارح فيها ولا سينمات.

جـ- وعَذَرَتِ الزاويةُ السَّارقَ ببطالته وكسله عن العمل في بلد مبارك فيه سبعة ملايين من العمَّال والمهنيِّين والموظفين من أقصى الأرض وأدناها.

د- واستدْرَكَتْ على كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم فأوجبت الاحتفاء بذكرى الهجرة، فهي بجهلها تحلُّ البدعة وتحرِّم السُّنة.

هـ- ولأنها تتستَّر بحرِّيَّة الصَّحافة المشؤومة فهي تزداد جرأة في نشرها الباطل ومحاربتها الشرع والحق والعدل، وكان من مهاتراتها وصخبها وجهرها بالسُّوء (وهي الظالمة لا المظلومة): أن نشرَتْ بتاريخ 1428/2/2هـ مقالة سوء عن المرأة عدَّدت فيها وظائف لها من افتراء من يعيش على النَّقل الببَّغاوي الوَقِح أكثرها لم يشرعه الله ولم تعرفه أمَّهات المؤمنين ومن يُقْتدَى بهنَّ، وفي الوقت نفسه أسقَطَتْ ما خلقها الله له وشرعه لها وخصَّها به: (العبوديَّة لله، والزوجيَّة والأمومة، والرعاية في البيت والمسؤولية عنه).

بل صادَمَتْ شرع الله ووحيه ـ كفاحاً ـ فيما فهمت منها؛ إذ قالت عنها مستنكرة ومستهزئة: (هذه التي لا يجب أن يُوَلِّي أحَدٌ أمره لها لأنها…) ولا أفهم من هذه النُّقَط إلا ما ورد في الحديث: «ناقصة عقل ودين» والحديث: «ما أفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة». ولم يكفها هذا الظلم والإثم والافتراء بل اغتصَبَتْ وظيفة المفتي فأفتَتْ بجواز مصافحة المرأة وسفَّهتْ من يحرِّمها، وكذَبَتْ باتِّهامها العلماء بالقول بنجاستها، ولا عجب من جرأة أهل الباطل وخَوَر أهل الحق فالنفس والشيطان بالمرصاد يعينان أولئك ويثبّطان هؤلاء.

و- وحتى لا يبقى شكٌّ في عزمها على التمادي في الباطل نشَرَتْ بتاريخ 1428/4/4هـ مقالة زور بعنوان (اغتيال طفولة) تهيِّج العامة الجهلة بشرع الله على حُكْم شرعيٍّ أنزل الله به آية مُحْكمة وسنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله وتقريره: (زواج رجل في الخمسين ببنت في العاشرة) فسمَّتها مقالة الزُّور والشَّرِّ: (مذبحة إنسانية) و(حدث مقزِّز) و(جريمة في حق الإنسانية) و(مصادرة للطفولة) و(فجيعة) و(اغتيال).

واستنكَرَت شرع الله تعالى ونظام الدّولة المباركة التي ميّزها الله (وحدها في القرون الأخيرة منذ القرون الأولى) بتحكيم شرعه والالتزام به فتساءلَتْ (هداها الله وردّها إلى دينه أو قضى عليها): (أيُّ قانون وأيُّ نظام يسمح باغتيال براءة مدهوشةٍ لا ذنب لها؟) وادَّعَتْ زاوية الضلال (عن شرع الله وسنَّة نبيِّه) زوراً وبهتاناً وعدواناً على شرع الله وعلى دولة الدّعوة إليه وعلى العاملين بشرعه: أن زواج الرَّجل بالطفلة (جَرٌّ لها باتجاه المشنقة).

وتجهل الزَّاوية وكاتبها وكثير من قرَّائها (والجهل أفضل وصف لهم) شرع الله (إذ أعمت الصَّحافة والحركيّة والحزبيّة الأكثرين عن تدبّر نصوص الوحي والفقه فيه من أهله) في مثل الأمر الشرعي:

1) قال الله تعالى عن عدّة الطفلة المطلقة (فضلاً عن زواجها): {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: 4] وإذا لم تَحِض البنت وتبلغ الحُلُم فهي طفلة كما قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59].

2) روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من طرق مختلفة وبألفاظ مختلفة (أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوّج عائشة رضي الله عنها وهي بنت ستِّ سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين ومات عنها وعمرها ثماني عشرة سنة)، وكان عمره يوم بنى بها نحواً من أربع وخمسين سنة، ولم يخالف هذا الحكم الشرعي فيما أعلم غير زوايا الجهل والضلال المخدوعة والمفتونة بقانون الطَّاغوت وأخلاق من لا خلاق لهم.

ز- هل تَبْرأ ذمَّة علماء الأمَّة بالسُّكوت على هذا المنكر وعدم بيان وجه الحق الذي لا يكاد أكثر العامّة يعرفونه إلا برواية الصحافة الجاهلة؟

حـ- وهل تبرأ ذمَّة الولاة بغير التَّثبُّت من هذا الأمر فإن ثبت على كاتبه اقترافه استتيب ثلاثاً فإن تاب فلعل الله أن يتوب علينا جميعاًَ، أو يقام عليه الحدُّ، وعلى فرض توبته يُمْنَع من تسويد الصُّحف مرة أخرى حتى لا يقع في الضلال من حيث يدري أو لا يدري؛ فيَضِلّ به كثير من قراء الجرايد الجَهَله

ط- يظن كثير من العوام والمثقَّفين الجاهلين (اعتذارًا للقانون عن الشريعة): (أن الحال قد تغيَّر، وأن بنات جزيرة العرب في عصر النبوَّة كنَّ أشدَّ أنوثة وأسرع بلوغاً).

ومهما تغيَّر الحال والمكان والزَّمان فإن دين الله وشرعه لا يتغيَّر ولا يزيد ولا ينقص منذ أنزل الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ} [المائدة: 3] ومنذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «على مثل ما أنا عليه وأصحابي» ومنذ انقطع الوحي بموته صلى الله عليه وسلم.

وتدل الآثار الصحيحة على أن عائشة رضي الله عنها كانت طفلة صغيرة تلعب مع صويحباتها بالدُّمى، وأن من أدخلها على النبي صلى الله عليه وسلم مسح وجهها وشعرها بالماء، وأنها فوجئت بالأمر فلم تدركه حتى أُدْخِلَتْ على النبي صلى الله عليه وسلم.

ي- إن من أعظم الخطر على الإسلام والمسلمين وعلى الأمة المميَّزة بالتأسيس على شرع الله من أوّل يوم أن تَغْتَصِبَ الصّحافة الجاهلة منابر الإعلام والتربية والتوجيه والقيادة الدِّينيَّة والدُّنيوية بل تتنازع اغتصابها مع عصابات الحركيَّة والحزبيَّة والفكرية (إسلامية أو غير إسلاميَّة) فيستجيب لها الأكثرون؛ وهم كما وصفهم خالقهم جلَّ وعلا: {لا يعلمون} و{لا يفقهون} و{لا يشكرون} ومبلغ علمهم هذر الجرايد.

حفظ الله بلاد ودولة التوحيد والسّنة من شرّ ما يحيط بها من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وحقد الحاقدين وجهل الجاهلين ولو كانوا: {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] والله ولي التوفيق.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان. (1428هـ).