الحداثة الإسلامية[1] [خطر معهد الفكر الإسلامي العالمي في أمريكاعلى الاسلام والمسلمين]
الحداثة الإسلامية[1]
[خطر معهد الفكر الإسلامي العالمي في أمريكاعلى الاسلام والمسلمين]
بسم الله الرحمن الرحيم
من: سعد الحصين، إلى: أخي في الدين: مدير معهد الفكر الإسلامي العالمي وفقه الله لطاعته وسنة نبيه وسبيل المؤمنين الأولين في فقه الدين، وأعاذه من أهواء المفكرين الإسلاميين وانحرافاتهم عن ذلك.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فقد اطلعت على تصريح لكم عن عزمكم على (إغراق المجال الإسلامي) بانتاج فكري (إسلامي) جديد لمثل محمد الغزالي وعبد الحميد أبو سليمان وغيرهما.. أرجو الله أن يجنب الإسلام والمسلمين سوء عاقبته، وعاقبة تعريض شرع الله لفكر قاصر عن علوم الوحي لا تكون إلا سيئة، وخروجًا عن سبيل المؤمنين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان (خاصة في القرون الثلاثة المفضلة).. وقد اصطلى الإسلام والمسلمون بعواقب هذا الانحراف في البداية عندما حدثت لوثة الخلط بين الوحي والفكر الوثني من الهند واليونان، وفي النهاية حيث حدثت لوثة الخلط بين الوحي والفكر الإسلامي (الولد غير الشرعي للثقافة الغربية المعاصرة) بنية حسنة.
يا حسرة على المسلمين يخربون دينهم بفكر أبنائهم ومن ورائه فكر أعداء دينهم وأمتهم بما يقيمونه من مؤسسات فكرية بما استخلفهم الله فيه من أموال لينظر كيف يعملون بها.. والهدف المعلن: تجديد الدين بأسلوب يناسب العصر والنتيجة المحققة (إلا أن يشاء الله): بالعتداء على فطرته النَّاسَ على وحيه والفقه فيه.
منذ سمعت بإنشاء المعهد توجَّست شرًّا لأن الحركية التي لا تستند إلى الوحي وسبيل المؤمنين الأولين في فهمه لم تنتج لنا في القرن الأخير إلا غثاءً بين الظنِّ والعاطفة يحسبه الكاتب والقارئ ماءً ثم يتبين له أنه مِمَّا يلقي الشيطان على الأماني ليشغل عن الحق الأبلج، وقد حذر الله تعالى من اتباع الظن والعاطفة وترك الوحي اليقيني: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23].
دين الله والدعوة إليه ـ يا أخي ـ مبنيان على اليقين، وإن ظن بعض كهول الفكر مثل الغزالي وأفراخهم مثل عبد الحميد هدانا الله وإياهم جميعاً أنهم آتون بما لم تستطعه الأوائل: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” …حتى إذا لم يُبق عالماً اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً فضلوا وأضلوا“.
وعجبٌ تسويغك لما أنتم مقدمون عليه من المنكر الظني، ومدبرون عنه من المعروف اليقيني؛ بأن الله خاطب مختلف الطبقات فقال: {يا أيها الناس} وقال: {يا أيها الذين آمنوا}.. كيف بلغ بك منهج الفكر من البعد عن منهج الوحي والفقه فيه أن تظن أنَّ أمر الله الناس بالتقوى (مثلاً) يستثنى منه المؤمنون، وأنَّ أمر الله المؤمنين بالتقوى يستثنى منه الناس.. أليس مسلم الأمس واليوم والغد مخاطب بالقرآن والسنة حتى تقوم الساعة؟ أيصلح آخر هذه الأمة بغير ما صلح به أولها؟ ألم يكمل الله الدين ويتمم النعمة قبل أن ينقطع الوحي؟
أيها الإخوة.. إنكم تلعبون بالنار.. نار تحرق الدين قبل الدنيا.. (وإنكم لتفتحون على الناس باب ضلالة) كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (فاتَّبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم).. وإن الله قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بما أرسل به الرسل من قبله على اختلاف المكان والزمان.. وهذه الرسالة الأخيرة من الله هي للثقلين في كل مكان وكل زمان حتى تقوم الساعة. ولو كان بينكم عالم شرعي واحدٌ يستحق هذا اللقب لأدركتم حدودكم، ولما ذهب بكم الغرور خارج هذه الحدود. وتذكروا أن اقتناع أيٍّ منَّا برأيه لا يدلُّ على صحته.. فلنعد إلى كتاب الله وسنة رسوله وفهم السلف (في القرون المفضلة) لهما ولنتوقف عن إنفاق أموال المسلمين على الحركية الحزبية المبنية على الظن والخرص: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [يونس: 66].. ولنحوِّل معهد الفكر إلى معهد لنشر الفقه الأول بلا تغيير ولا تبديل ولا تحريف ولا تأويل، فلا تجديد لهذا الدين إلا بالرجوع به إلى منبعه وإزالة ما علق به من بدع الفكر والعمل.. وما الفكر (الإسلامي) إلا مكر من الشيطان يخدع به الحركيين ليستبدلوا الذي هو أدنى (الفكر) بالذي هو خير (الوحي والفقه فيه).. وكل مناهج الدعوة باطلة إلا منهاج النبوة.
لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في فقه الأئمة كلمة: فكر، ولا كلمة: إسلامي، وإنما ورد الحث على اتباع الوحي والتفقه فيه والعض على ذلك بالنواجذ والنهي عن المحدثات في الدين.. على مثل ذلك يجب أن نحيى ويجب أن نموت غير منحرفين ولا مفْرطين ولا مفرِّطين..
لا أشك في حسن نيتكم ولا أشك في فساد عملكم، وفيما يتعلق بشرع الله لا بدَّ أن يقترن صلاح النية بصلاح العمل فقد قال الله تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف: 30]، عافانا الله وإياكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين (الأردن/ عمان: 1412/9/30هـ)