مخالفة الأكثرين أقرب إلى الحقّ من موافقتهم [1]
مخالفة الأكثرين أقرب إلى الحقّ من موافقتهم [1]
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعرَفَ بالخلق من خالقهم سبحانه وتعالى، وبيَّن عزَّ وجل في عشرات الآيات أنّ {أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} و{لَا يَشْكُرُونَ} و{لَا يَعْلَمُونَ} وأنّ {أَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} و{أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} وأنّ أكثرهم لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون [كما في سورة يوسف: 106]، وأنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله [كما في سورة الأنعام: 116]، وأن أكثر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما هم بمؤمنين رغم حرصه على هداهم [كما في سورة يوسف: 103]، وأن أكثرهم معرضون عن الحق [كما في سورة الأنبياء: 24]، وأن أكثر الناس يأبى إلا كفورًا [كما في سورة الإسراء: 89]، وأن أكثرهم لا يتبع إلا الظنَّ [كما في سورة الأنعام: 116]، وأن أكثرهم للحق كارهون [كما في سورة المؤمنون: 70، الزخرف: 78]،وأنهم: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83]، وأنَّ: {أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111].
وفي مقابل الكثرة الضالة ذكَرَ الله تعالى القلّة الصالحة فقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: 13]،وقال تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}[ص 24].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أوحى الله إليه (عن الكثرة الضالة، والقلَّة الصالحة) في بَعْثِ النار: ” من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين ـ أي في النار ـ وواحد في الجنة“، وقال لأصحابه: ” ما أنتم في الناس إلا كمثل الشعرة البيضاء في جلد ثور أسود“، من حديث طويل اتفق على صحته البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ..والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ فواحدة في الجنة، وثنتين وسبعين في النار“، قال: ” هم الجماعة“.
قلت: لا الجماعات ولا الأحزاب ولا الفِرَق، ولو وصفت زورًا بالإسلامية؛ وفي رواية: ” ما أنا عليه وأصحابي“، انظر: (نُصح الأمة في فهم أحاديث افتراق هذه الأمة) للشيخ سليم الهلالي، ط: دار الأضحى في عمان، عام 1409 هـ.
وفي صحيح مسلم: ” تقوم الساعة والروم أكثر الناس“.
والروم (وهم اليوم جُلُّ سكان أوروبا وأمريكا) يقولون إنهم نصارى، وألحِق بهم اليهود في العصور المتأخرة باعتبار حقيقة أن موسى وعيسى ـ عليهما الصلاة والسلام والبركة ـ بعثا في بني إسرائيل، وأنهما بعثا بإفراد الله بالعبادة، ونفيها عمن سواه، ويسمي النصارى التوراة: العهد القديم، والإنجيل: العهد الجديد (testament)، وإن بقي العِداء بين المنتمين إلى دين موسى وعيسى؛ فقد صرح لي بعض المثقفين في كندا قبل بضع وثلاثين سنة بأن الأفضلية في التوظيف لا يزال يحكمها حجم الأنف عند بعض جهات التوظف!
وعندما ذكرتُ لأمريكي مثقف أمر الله بالعدل؛ قال: اليهود لا يؤتمنون! وانتشرت النصرانية في أفريقيا وآسيا وفي قارة استراليا وسائر جزر المحيط الهادي.
ولكنَّ الوثنية البوذية والهندوسية وغيرها تُنافس أو تغلب النصرانية بكثرة العدد (في الصين والهند وجنوب شرقي آسيا بخاصة) حتى اليوم، إذا حُصر الروم في الجنس الأبيض (الأبهق).
والمنتمون إلى الإسلام (آخر الأديان الإلهية) كثير، وإن لم يكونوا الأكثر، ولكنهم غثاء كغثاء السيل؛ لا لقلَّتهم أو تخلُّفهم الصناعي أو الزراعي أو الفكري أو التقني، كما يظن كثير منهم، فلم يخلَقُوا للتنافس على شيء من ذلك، وإنما لتفرقهم وتفريقهم دينهم بتعدد الجماعات والأحزاب والفرق والطوائف، وأشر من ذلك وبسببه تَلبس أكثرهم بالوثنية متابعة لليهود والنصارى واليونان، ومن ورائهم هندوسية الهند، تقرُّبًا بهذه الوثنية إلى الله، وأعظم مظاهرها عند المنتمين للديانات كلها: دعاء من سُمِّيت بأسمائهم: المقاماتُ والمزارات والمشاهد والأضرحة؛ أصل الأوثان والنصب والأصنام منذ بنى أجداد قوم نوح نُصبًا في مجالس صالحيهم، كما في كتاب التفسير من صحيح البخاري، وتفسير ابن جرير الطبري ـ رحمهما الله تعالى وأسكنهما الجنة ـ.
وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6].
ومنذ هداني الله إلى حقيقة أن الكثرة أقرب إلى الضلال منها إلى الحق، لم أخش مخالفة الأكثرية، وحرصتُ على اتباع الدليل من الوحي بفهم السلف في القرون الخيرة لشهادة النبي صلى الله عليه وسلم بفضلها على سائر القرون، لصلتها القريبة بعهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وصحابته والذين اتبعوهم بإحسان ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ، وبلُغة القرآن والسنة، وبالنهج الأول سبيل المؤمنين، ولو فارقه الأكثرون (الأقلُّون).
وفي المباحات أتَّبع الفطرة والعقل، فاعتقني الله من التقليد الديني والدنيوي، والعِتقُ منهما نعمة عظيمة (لا يعرفها الذين يطالبون بالانعتاق من حدود الاتباع، وهي في متناول أيديهم) ومن أمثلة مخالفتي للأغلبية في أمور الدين وفي أمور الدنيا:
1ـ مجانبة، بل محاربة الجماعات والأحزاب والفرق والطوائف المحدثة، المخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ وشرها جماعة الإخوان المسلمين التي أصرَّت منذ أنشئت على مشاقَّة الله ورسوله وفقهاء الأمة الأول في منهاجها الدعوي (وهو أساس وجودها) فنَبَذَت أهمَّ أمرٍ، وأهمَّ نهيٍ، أرسل الله به كل رسله: الأمرَ بإفراد الله بالعبادة، والنهيَ عن صرفها لغيره، فلم تذكر أيًّا منهما في أركانها (20)، ووصاياها (10)، وموبقاتها (10)، ومنجياتها (10)، ومهلكاتها (10)، وواجباتها العملية (38)، ومطالبها من الولاة (50)، رغم أنها ذكرتْ: (تخفيف شرب الشاي والقهوة، وتوحيد الزي، وتنظيم المصايف)، ورغم أنها وُلدَت وشابت بين الأوثان من المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة والشجر والحجر.
2ـ ولما رأيتُ معظم أفراد الدعاة، وجُلَّ مؤسسات الدعوة في كل مكان اجتالتهم شياطين الحزب الإخواني عن منهاج النبوة إلى منهاج البنا وسيد قطب (المبتدع الضال المضل) الذي يشغل المسلمين بالمهم (في أحسن الأحوال) عن الأهم من شرع الله: بالتحفيظ عن التدبر والعمل، وبالظن عن اليقين، وبالفكر عن الوحي، وبالحوادث والطوارئ عن أحكام الحلال والحرام في شرع الله (اعتقادًا ثم عبادة ثم معاملة)؛ لما رأيتُ هذا الضلال المبين والمنهج الشيطاني يغلب ذوي الألباب، ويطغى على مؤسساتهم وأفرادهم، ويُبعدهم عن الوحي والفقه فيه من أهله الأول، ويشغلهم بمحاربة ولاتهم (الذين أمرهم الله بطاعتهم) عن محاربة أنفسهم الأمارة بالسوء، وشيطانهم الذي يجري منهم مجرى الدم؛ جعلتُ أكبر همي: نشر توحيد الله بالعبادة ونُصرته، ومحاربة الشرك بالله في عبادته وما دون ذلك من الابتداع في الدين.
3ـ ومن أجل ذلك حذَّرتُ من مصطلحات الحزب الإخواني المفتراة على شرع الله، مثل: (الفكر الإسلامي) عوضًا عن الفقه الأول في الدين، ويتبع فرية الفكر الإسلامي فرية الفن الإسلامي، والعمارة الإسلامية، والنادي الإسلامي، والمدرسة الإسلامية، والمستشفى الإسلامي، والحزب الإسلامي، والمقاومة الإسلامية؛ إلى آخر منظومة الترويج الحزبي التجاري باسم الإسلام المنزه عنه.
ومثل فرية (الفكر الإسلامي) انطلقت فرية (السياسة من الدين) تسويغًا لركوب الحزب الإخواني الضال اسم الدين مَطِية للوثوب على السلطة في كل بلد عربي أو مسلم، ولا شك أن السياسة المعروفة (أي العلاقات بين الدول ومصدرها وسائل الإعلام) ليست من الدين، فلا يجوز أن ينسب إلى الدين والإسلام إلا ما أوحى الله به إلى رسوله بفهم الصحابة والتابعين وتابعيهم في القرون الخيرة؛ فهو السياسة الشرعية التي فارقها الحزب الإخواني وسماها: (علم الوضوء والغسل والحيض والنفاس) تنفيرًا منها ومن علمائها، وهو يحسب أنه يحسن صنعًا ـ تجاوز الله عن مقترفيه ـ.
4ـ ومن أجل ذلك حذرتُ من الانشغال بتجويد القرآن وحفظه وتحفيظه عن تلاوته حق تلاوته، أي: بتدبره والعمل به وتبليغه.
وقبل أن يقول الشيخ ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ بأنه لا دليل على لزوم ما سُمِّي بأحكام التجويد (وإن زادني قولهما يقينًا)، تقربتُ إلى الله بحذف مقرر التجويد من المدرسة التجريبية التي أنشأتُها قبل (35 سنة (بموافقة وزارة المعارف) للتعليم العام دون المرحلة الثانوية، وكان أهم أسسها: ترك الالتزام بما لا يلزم شرعًا ولا عقلاً.
وخالفت الأكثرية بالتزامي ودعوتي إلى الوقوف على رأس كل آية، وعدم وصل آية بآية مهما ارتبطا في المعنى، استجابة لقضاء الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعدم تكرار جزء من الآية لربطه ببقية الآية في أكثر الأحوال، فلا دليل على الالتزام بذلك، وإن التزم به المتأخرون.
والحرص على ذكر الله بعد قراءة كل آية بما يناسبها من ثناء أو دعاء أو استعاذة، في الصلاة وخارجها، وفي الفرض والنفل، اقتداءً بما أورده الشيخ الألباني من الأحاديث والآثار في مؤلفه الفريد: (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم) ـ جزاه الله خير الجزاء ـ، ولكنه مات ـ رحمه الله ـ وهو يقرأ كتاب الله قراءة مُقلِّد خروجًا من منهجه: التقيد بالدليل من الكتاب والسنة وفهم فقهاء السلف في القرون الخيرة، بل أعُدُّه المجدد الثاني بعد ابن باز ـ رحمهما الله وأسكنهما الفردوس من الجنة ـ في الالتزام بالدليل والدعوة إليه، وأعُدُّه الأول في نشره.
5ـ ومن أجل ذلك زاد إيماني بالله وشكري وحمدي له لفضله على ولاتنا وعلمائنا وفضله بهم علينا، ودعائي لأولهم وآخرهم كل ليلة، والتذكير بما تفضل الله به عليهم من تجديد الدين ثلاث مرات في القرون الثلاثة الأخيرة، وهدم الأوثان، وإزالة ما دونها من البدع، وهو ما لم تفعله دولة مسلمة منذ الفاطميين، ولا تزال السعودية بفضل الله عليها، لا يبنى فيها مسجد على قبر، ولا يقوم فيها مشهد، ولا مزار، ولا مقام، ولا ضريح، ولا يبنى على قبر أحد من الولاة، ولا من العلماء، ولا سائر الرعية، ولا يقام مولد، ولا زاوية، ولا عيد ديني غير عيدي الفطر والأضحى، ويحكم فيها بشرع الله في كل مسائل الاعتقاد والعبادة وفي جل مسائل المعاملات.
ولكني خوفًا من الوقوع فيما وقع فيه الطرقيون والحزبيون والوثنيون من تقديس البشر، تجنبتُ زيارة العلماء (فضلًا عن الأمراء) بحجة أنهم في حاجة إلى وقتهم، والناس في حاجة إليهم للعمل للصالح العام، وكثرة الزيارات تضيع وقتهم، ومرة قدمتُ من سفر دام نحو سنة فتهيأ لي حضور درس الشيخ ابن باز بعد الفجر، وفي اليوم نفسه بتقدير الله سأل أخي إبراهيم ـ رحمه الله ـ (وقد لازمه 29 سنة) عنِّي فذكر له أني كنت في درسه صباح اليوم، فقال: هذه عادته لا يتكلف حتى سلام السفر! وهذا يصحُّ بيني وبين أشقائي فلم نتكلف وداعًا ولا استقبالًا أبدًا.
ومع أني لا أعرف خيرًا من الشيخ ابن باز في الجمع بين العلم والعمل وخلق الصبر والتواضع والكرم والسماحة، وأني لا أصلح تلميذًا له، فقد رأيتُ الرد عليه عدة مرات، لأستفيد من قبوله الرد أو رفضه، وليرى طلاب العلم مجرد احتمال خطأ العالم وطالب العلم، وأنه لا عصمة إلا لرسولٍ.
وفوق الشيخ ابن باز بدرجات: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهما الله ـ وقد منَّ الله به علينا وعلى الناس إذ جدد الله به الدين في القرن (12) وهدم به أوثان الجزيرة وسائر بدعها ونشر الله به التوحيد وهزم به الشرك، وحول الله به وبآل سعود بلادنا إلى قدوة صالحة لم تعرف منذ (1000) سنة، ومع ذلك كتبتُ إلى جهات الاختصاص باقتراح عدة ملاحظات على (نواقض الإسلام) و(العقيدة وما يضادها) للشيخ ابن باز التي نشرتها قبل أن أقرأ ملحوظات الشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد العزيز الريس على نواقض الإسلام، وازددتُ بملحوظاتهما يقينًا ـ جزاهما الله خير الجزاء ـ.
6 ـ ومن أجل ذلك محصَّتُ بعض الأقوال التي يرددها طلاب العلم (رواية عن بعض الفقهاء) قبل الأخذ بها، بل فهم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “حولها نُدندن”. فقد ظننتُ أن أكثر طلاب العلم يفهمونها بمعنى الترديد، ولا زلتُ أظن الدندنة في كتب اللغة وفي الشرع تعني: الذكر بما فوق الإخفات ودون الجهر كما في قول الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]، بحيث يُسمع الذاكر نفسه ولا يؤذي غيره، يَسمع غيرُه صوته ولا يتبين ما يقول، بل كان القريب من النبي صلى الله عليه وسلم يَسمع قراءته في الصلاة (السرية) التي لا يجهر فيها الإمام بالقراءة.
وقد بدأ الناس في جزيرة العرب منذ بداية هذا القرن يعتادون طريقة الأعاجم في الصلاة، فلا يتحرَّك لسان المصلي ولا شفتاه بقرآن ولا بغيره من الذكر ثناءً أو دعاءً أو غيره، وينفر أكثر الناس من سماع صوت المأموم أو قارئ القرآن مهما كان خافتًا.
وخالفتُ الأكثرية فأسمعتُ نفسي القراءة والدعاء وغيرهما من الذكر.
وسبق أن بينتُ مخالفتي لما روي عن بعض الفقهاء الأول فمن دونهم، مثل: الاستدلال بكثرة المشيعين على نصيب المشيع من الحق، وحفظ الله للجوارح في الكِبَر بحفظها في الصغر، ولا أظن المثلين يصحان بصيغتهما المتداولة عمن يُنسبان إليه، وأن الله لا ينجي من الهلاك إلا المصلحون لا الصالحون، وأن الله لا يقول: (عبادي) إلا عن المؤمنين! مع أن الله قال: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ}[الفرقان: 17]، وقال تعالى: {عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ}[التحريم: 10] عن نوح ولوط ـ عليهما السلام ـ وهما المُصْلِحَان.
7ـ وخالفت الأكثرين في الأمور الدنيوية: فلم اتصل بأحد ولم يتصل بي بعد صلاة العشاء منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وخالفتُ الأكثرين فلم أتناول الطعام أو الشراب وفق التوقيت الصناعي، بل تركتُ التوقيت للفطرة والحاجة، فاكتفيت بأكلة واحدة، كما كان الناس يفعلون قبل أن تغلبهم الثقافة الصناعية.
وخالفتُ الأكثرين في معنى الكرم، وهو عند أكثر العرب لا يتجاوز إطعام الطعام لمن يرجى منه المكافأة بالمثل، والله تعالى يقول: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}[الإنسان: 8-9]، فضلًا عن سفاهة قياس الكرم بحجم إِلْيَة الخروف للزينة لا يؤكل منها شيء، ثم تُرْمَى في الزبالة بعد أن زادت نسبة الدهون في الطعام بلا نصيب من الشرع ولا العقل ولا الرحمة ولا السداد.
وخالفتُ الأكثرين في اهتماهم بالشكل عامة، وتبذير المال الذي استخلفهم الله فيه لينظر كيف يعملون في متابعة تغير أشكال السيارات والمساكن والملابس والأثاث والآلات.
هدانا الله لأقرب من هذا رشدا.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن في 1433/3/14هـ